فهد الصالح
نتفق جميعاً على ضعف اهتمام الأندية بالأنشطة الثقافية والمجتمعية بعد أن كان شعار النادي رياضيا وثقافيا واجتماعيا وتركيزها على الجانب الرياضي وخصوصاً كرة القدم وكأن الاندية ما خلقت في هذا الوطن الكريم إلا لذلك، وهذا دون شك ليس على التعميم لأننا نشاهد مبادرات يقودها نادي الهلال والشباب تستحق الاشادة، وقد نأتي عليها في مقال مستقل حتى نبرزها للرأي الرياضي والمهتمين بتحقيق الشمولية في أنديتنا الرياضية، ولهذا ابتعدت الاسر بأبنائها عن الأندية لأن الصورة المأخوذة عن الرياضة اقل من طموحات الاهالي كي يجعلوا من الاندية ملاذا آمنا لأولادهم، فإن كانت رياضة القدم مصدر عيش للبعض فهي ليست مصدر ثقافة ولا أدب ولا تعليما يفيد للمستقبل وليس معها انخراط في نشاط اجتماعي الا من بعضهم وبمبادرات شخصية في الغالب أو عن طريق بعض مؤسسات المجتمع المدني التي تتواصل مع الاندية اللاعبين في مناشطها الثقافية والاجتماعية، ولكن لا نستطيع أن نشكل بهذه اللامبالاة شخصية النشء في هذه الايام ولا يرغب جل الاسر ان تكون الرياضة مستقبلاً لأولادهم، والاسباب كثيرة وليس المجال لذكرها الآن حتى وان كان هناك نماذج رائعة حققت لها مستقبلا آمنا وضمنت رغد العيش وأصبحت تمثل رمزاً اجتماعياً، ولكن إن أخذنا الصورة بالإجمال فالنادر لا حكم له ولا يبنى عليه مستقبل البقية من شباب الوطن لأن سوق العمل يتطلب من العطاء حتى العام الـ 60 سنة من العمر او 40 سنة من الخدمة وهذا مالا تحققه الرياضة ناهيك عن إصابات الملاعب والعجز الكامل او الجزئي وسوء الخاتمة المشاهد في هذا الوسط الذي يركز على الاستفادة من الجهد البدني ثم يطرح عقد اللاعب للبيع وكانت الحاجة قد انقضت ولا يهتم بتغذية حاجته الروحية والثقافية او مستقبله بعد انقضاء جهده او ضعفه والتعاطي بمثل هذه الصورة له جانب ثقافي لابد ان يقوم به النادي لضمان استمرارية اللاعب وتحقيق مصلحته ومصلحة النادي والوطن من خلال موهبته إن كان يعي مصلحته وإن كان يجهلها فيتضح دور النادي التثقيفي بعواقب ذلك عليه.
إن هذا التوجه والتركيز على الجانب الرياضي وإهمال الجانب الثقافي والاجتماعي لا شيء يبرره الا اذا قلنا: إن المهم هنا هو الاستثمار المالي وأقصينا كل المنافع وأبقينا على منفعة النادي طالما انه بمنظار القطاع الخاص لا ينظر الا الى الربح، ومن عوامل ازدياد الارباح تخفيض المصاريف، فإن جردت الاندية نفسها من مسؤوليتها الاجتماعية ولم تران للمجتمع حقا عليها فلن تطرح برامج تحقق هذا التوجه وتركز على الجانب الثقافي والاجتماعي خاصة اذا لم تقتنع انه احد عوامل الجذب لاكتشاف المواهب في المجالات الرياضية، ولم يتولد لدي الأندية قناعة ان العناية بالجانب الثقافي والاجتماعي سبب رئيس في موافقة الاهل على انضمام الابناء لها، ولذلك ترى اكتشاف المواهب اصبح أثقل على الاندية من أي وقت مضى، بل إنها أصبحت لا تعيره الاهتمام لأنها اختصرت الطريق بشراء اللاعب الجاهز، وهذا لا يخلق لدى الاندية المتوسطة الدخل الاستمرارية لأنها لن تستطيع مجاراة الاندية الكبيرة ولهذا مساس كبير بالجانب الثقافي، ولا يكفي ان نقول: إن هناك انشطة ثقافية يجتهد بإقامتها بعض المحبين لتلك الأندية طالما لا يوجد لها اطار مؤسسي اوخطة استراتيجية طويلة وقصيرة الاجل بأهداف واضحة يتم تسليط الوهج الاعلامي عليها حتى تتبدل الصورة السوداوية بالنظرة للأندية ومجتمعاتها وسلوكيات من ينضم اليها او البيئات الخارجية التي تحتضن اللاعبين، وكيف سيكون الحال عند تخصيص الاندية وادارتها بفكر القطاع الخاص والتركيز على الارباح وقيمة النادي الفعلية في السوق واهمال قناعة المجتمع الذي سلم للأندية فلذات الاكباد وهم من يعول عليهم في بناء الوطن في ظل إهمال الاندية الغذاء الروحي لتضمن به سلامة التربية وترفع فيه من قيمة الانسان وتؤدي رسالتها كما يجب لمجتمعها مثلما قدموا شبابهم لها.
ولعل الرئاسة العامة لرعاية الشباب تفكر في طرح مبادرة باسم برنامج الامير فيصل بن فهد الاجتماعي والثقافي وتعنى بهذا الأمر في الاندية الرياضية وتوقيع اتفاقيات تعاون مع الجهات ذات العلاقة كوزارة الثقافة والإعلام ووزارة التعليم والجامعات والاكاديميات الثقافية والاجتماعية المتخصصة ووزارة الشؤون الاجتماعية من خلال لجان التنمية الاجتماعية وكذلك مشاركة الاندية الادبية وجمعية الثقافة والفنون وفروعها، وبعدها تطلق جائزتي الامير فيصل بن فهد للتميز الثقافي والاجتماعي وقد يتبنى ذلك العديد من القطاعات الاقتصادية إذا فتح المجال لها وضمنت فائدتها المعنوية من تلك الرعاية وقدرت دورها وشُكرت مساهمتها، وسيحقق ذلك نقلة نوعية للمنظومة الرياضية بكل أطرافها، ولا أرى ان التريث في اتخاذ القرار سيخدم أي طرف من الاطراف وقد يكون من المناسب اشراك متخصصين في وضع وبناء استراتيجية لهذا البرنامج واستحداث مؤشرات للأداء تؤكد تطبيقه باحترافية عالية ويمكن معها قياس الاداء لتكريم الاندية المميزة، وسيجني الوطن والمواطن النتائج الإيجابية لتفعيل الجوانب الثقافية والاجتماعية لتسير في نفس اتجاه الاندية واهتمامها بالجانب الرياضي وقيمة العقود واستثماراتها، ونحن في الختام كمواطنين غيورين على وطننا ومحبين لمواطنينا وملزمين لزرع الولاء والانتماء للرياضة السعودية والعمل على اعادة الوهج لها مثلما الجميع يسعى لتفعيل المواطنة الصالحة في جميع مناحي الحياة، وثقتنا بسمو الرئيس العام لرعاية الشباب أن يجعل هذا البرنامج وتلك الجائزة من أهداف 2015-2016م، ونحن على ثقة ان الملفات التي تدرس كثيرة، وقد يكون منها هذا الملف ولكن الوقت يطول في انتظار نتائج تلك الدراسات حتى يخرج قرار نفرح به، فالعمر قصير والشباب لا يدوم والعزوف عن الرياضة وبيئتها يزداد.