لبنى الخميس
لطالما سمعنا المثل الذي يقول «العود من أول ركزة» وهي مقولة تحتفي ببدايات التجربة، وتفترض بأن «الركزة الأولى» هي مؤشر لصمود الإنسان ونجاحه المستقبلي.
على المستوى المهني.. «الركزة الأولى» تُعزى غالباً إلى الوظيفة الأولى التي يتقلدها الإنسان في حياته.. والتي تعتبر من أهم وأثرى المحطات الوظيفية في حياة الموظف، بعد أن تخرج من الجامعة وهو مشبع من نظريات إدراية وأكاديمية وأضحى الميدان مفتوحاً أمامه لتطبيقها.
وبالرغم من بساطة «الوظيفة الأولى» في كثير من الأحيان.. إلا أننا قد نتفاجأ بقفزة وظيفية هائلة في حياة الموظف نتيجة الاجتهاد والإصرار والطموح، ما قد يكسر نظرية الركزة الأولى، لتحل محلها مقولة « العبرة بالخواتيم» والتي نعني بها أنه لا يهم ما تواجه من ضعف وفشل وعدم ثقة بالنفس في انطلاقة حياتك، إذا كانت خواتيم أعمالك عكس ذلك.
آمنت بهذه المقولة حتى الصميم بعد ما قرأت وبحثت عن تاريخ بعض الناجحين والمؤثرين من زعماء دول أو رؤساء تنفيذيين كانت بداياتهم عادية بل أقل من عادية.. حتى شقّوا طريقهم إلى النجاح والمجد، بخطى متعثرة لكن مصرة على تبوأ مراتب عليا في الحياة.
فهل خطر على بالكم، ما هي الوظيفة الأولى لرئيس إحدى أهم شركات الوجبات السريعة «ماكدونالد»؟ أو ما هو أول راتب تقاضاه أحد أشهر الرؤساء الأمريكيين؟ أو حتى ما هو أول مسمى وظيفي للرئيس التنفيذي لإحدى أهم الشركات الأمريكية المدرجة في سوق الأسهم الأمريكية؟
اليوم استعرض معكم قصصاً ملهمة.. كانت بداياتها من تحت الصفر .. واليوم أصحابها يتحدثون للعالم عن تلك البدايات بكثير من الفخر لأنها من صنعت مستقبلهم اليوم.
مايكل ديل:
أول وظيفة للمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ديل» مايكل ديل هي مغسل صحون في أحد المطاعم الصينية في الولايات المتحدة، واليوم تقدر العوائد السنوية للشركة بـ14.5 مليار دولار 4 مليارات منها تأتي من الصين وحدها.. إذ يبدو أنّ الصين ذات وجه خير على هذا المجتهد الصغير.
دوغ ماك ميلون:
كانت وظيفة دوغ ماك ميلون الرئيس التنفيذي لشركة وال مارت - أشهر محلات البيع بالتجزئة في أمريكا - قبل ما يتم تعيينه بهذا المنصب عام 2013، مفرغاً لحمولة البضائع في «وال مارت» لكن يبدو أن ماك ميلون أثبت نفسه وبجدارة، ما دفع الشركة وبأقل من عشرين عاماً من انضمامه لها، أن يتم ترقيته إلى الرئيس التنفيذي لها. لكن القارئ لسيرة دوغ ماك مليون سوف يدرك أنه عمل على تطوير نفسه، ولم يكتف بشهادة البكالوريوس، بل حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال .. فمزج الخبرة المهنية بالمعرفة الأكاديمية وهذا ما يبحث عنه سوق العمل.
الرئيس الأمريكي رونالد ريغان:
الرئيس الأمريكي الأربعين رونالد ريغان.. بدأ حياته المهنية ليس في المجال السياسي كما قد يظن البعض، بل كان معلقاً رياضياً يتقاضى على المباراة الواحدة 10 دولارات، ويبدو أن ريغان كان محباً لخوض مجالات وتخصصات مهنية مختلفة، إذ عمل فترة من حياته كمذيع راديو وممثل سينمائي، وبعد ذلك كان حاكم ولاية كاليفورنيا.
جيم سكينر:
الوظيفة الأولى «لجيم سكينر» الرئيس التنفيذي لأكثر مطاعم الوجبات السريعة انتشاراً «ماكدونالد»، هي مقلب لقطع الهامبرغر في أحد فروع المطعم في ولاية الينوي، وبعد ذلك أصبح مديراً للفرع، وعلى الرغم من عدم إكمال جيم لدراسته الجامعية، إلا أنه كان من أنجح الرؤساء التنفيذيين الذين مروا على الشركة وضاعفوا مداخيلها، إذ ارتفعت أرباحها بشكل مثير للاهتمام من 50 ملياراً في عام 2004 إلى 70 ملياراً في عام 2008 وسميت هذه الاستتراتيجة بـ»العب حتى تكسب».
عالمنا العربي مليء أيضاً بقصص العصامية والكفاح.. وسأخصص مقالة للحديث عن النسخة العربية لأشخاص بدؤوا من تحت الصفر، ونالوا بعد ذلك نصيباً وافراً من السلطة والنجاح.
أخيراً.. القادة الاستثنائيون .. لا يبالون بتواضع بالبدايات.. بل يؤمنون بأنّ التجارب هي مصنع القادة، وجوهر الفرص التي تقربهم من أحلامهم الكبرى.. فكلنا نتشابه بالبدايات.. مليئين بالخوف.. ومشبعين بالقلق والتوتر.. نخشى أن نسقط أو نتعثر .. لكن الناجحين في هذا الحياة، يثبتون لنا مرة بعد مرة، بأنّ أحلامنا إن لم تخيفنا فهي ليست كبيرة كفاية.. وأن العبرة ليست في سواحل البدايات.. بل في موانئ الخواتيم!