رقية الهويريني
نجا والد الطفلة (لمى) من القصاص بعد توجيه تهمة تسببه بقتلها نتيجة للضرب المبرح! وأصدر القاضي الحكم ببراءة المتهم، وأن موتها لم يكن سوى إسراف في التأديب!! وعلى الرغم من أن والد الطفلة (غصون) قد تم قتله قصاصًا في وقت سابق لتسببه في مقتلها أيضًا الذي كان نتيجة الضرب المبرح.
وبعيدًا عن حيثيات الحكم وملابساته الذي أثبت إدانة الأب بما ينافي التأديب المأذون فيه شرعًا؛ فإن الضرب الذي يؤدي للموت هو تصرف وحشي بلا شك والحديث عنه مؤلم ولن يقدم أو يؤخر! ولكنها الشفقة التي نرجو الله إلا ينتزعها من قلوبنا. لا سيما أن وفاتها غير طبيعية حيث كان جسدها مثقلاً بالكدمات مصحوبًا بإصابة شديدة في الرأس، ونزيف حاد في الدماغ، وكسر في الفقرات القطنية في منطقة الظهر، وكسر في الساعد الأيسر، وحروق متفرقة بجميع أنحاء الجسم.
ولا يعني الاستغراب أو صعوبة تقبل هذا الحكم أنه يحمل أية إساءة أو طعن في عدالة النظام القضائي في المملكة أو تشكيكًا فيه، إلا أن هذا المصطلح الغريب في الحكم لم يكن واردًا في أحكام شرعية سابقة، لذا كان من العسير التسليم بالحكم أو التسامح معه، وأرجو إلا تصدر أحكام مشابهة له لقضايا مسرفة في الوحشية. بل أدعو الله عدم حدوث العنف ناهيك عن المفضي للقتل.
وطالما لم يوجد قانون يجرّم العنف كأحد أشكال الوقاية منه؛ فإن الحالات ستتزايد، وسيظهر لدينا جيلٌ معنفٌ لن تجديَ معه جميع الإجراءات العلاجية النفسية والتأهيلية، بل سيمارِس العنف مستقبلاً لأنه إما شاهده أو وقع فريسة له.
ومجتمعٌ يشيع فيه العنف هو مجتمعٌ مسكين وخانع وذليل، وهو ما ينبغي مقاومته من لدن المؤسسات الحكومية والجمعيات المختصة، وذلك بالقيام بدورها الوقائي ليتشكل لدينا مجتمع نظيف نقي من شوائب القسوة والإهانة والازدراء.
وعودًا على مسألة الإسراف؛ فلست أعلم لمَ لمْ تؤثر كتاباتنا المسرفة بلوم بعض المسؤولين تارة والعتب عليهم تارة واستجدائهم تارات أخرى بتحسين بعض السلبيات لدينا؟ وتركهم إيانا نعيش إسرافًا في الألم والضجر بسبب تعثر المشروعات وسوء بعض الخدمات. وأرجو ألا يتقدم أولئك المسؤولون بشكوى ضدنا بدعوى الإسراف في الكتابة والنقد..
نعم مسرفون... ولكننا لا نعنف ولا نقتل!