رقية الهويريني
في يوم ما من عام ما؛ دخلت إحدى معلمات المرحلة الابتدائية الفصل لتشرح الدرس لتلميذاتها أمام المشرفة التربوية، وبدت المعلمة شاحبة الوجه، جافة الريق، مشتتة الأفكار ومنهكة القوى وفي وضع غير طبيعي، وما لبثت أن بدأت تترنح !! فأسرعت المشرفة لمساعدتها وقامت بتأجيل الشرح والتقويم، ونصحتها بأخذ قسط من الراحة، ولامتها على السهر طالما هي معلمة تحضر باكرا لعملها!!
لم تكن تلك المعلمة سوى مدمنة! نعم معلمة سعودية تتعاطى الحبوب المخدرة! ولكن لجهل المشرفة لم تدرك ذلك، ولبراءة الأطفال لم يتم اكتشافها برغم شكوى التلميذات لأسرهن بأنها قاسية في تعاملها معهن وكثيرة النوم في الفصل عدا إهمالها لمظهرها حيناً واهتمامها المبالغ به حيناً آخر!! وعندما شككت إحدى زميلاتها بسلوكها الغريب، تم استبعاد الزميلة من المدرسة لتغرق المعلمة وتُغرق بعضاً من زميلاتها معها، مما اضطر زوج إحداهن لنقلها لمدرسة أخرى، في منطقة بعيدة وألغى جميع وسائل التواصل مع زوجته من قِبَلهن.
كتبت هنا في (المنشود) قبل عشر سنوات وطالبت بضرورة الكشف لفحص السموم للمعلمين والمعلمات، وقوبل المقال بالسخط والغضب وأنه لا يعدو عن تشكيك بمعلمي الأجيال.
ولا أزعم بل أجزم، بأن مدارسنا تضم عدداً ولو قليلا من متعاطي المخدرات والخمور من الجنسين ناهيك عن المدخنين والمدخنات، كما أنها لا تخلو من أصحاب الفكر المنحرف والسلوك الشاذ! وكأن المدارس صارت حضناً لمن لا يجد وظيفة! لذا ينبغي عدم التساهل ببذل الاحتياطات والإجراءات الصارمة كفحص الجسد وتحليل الدم والمقابلة الشخصية الدقيقة التي تظهر خبايا الفكر والنفس طالما أن أولئك المعلمين والمعلمات يستلمون النشء البريء ويخرِّجون بعضَهم بأفكار مشتتة وتصرفات حمقى إلا من رحم ربي!
أقول ذلك بعدما قرأت مؤخراً مطالبة وزارة التعليم للمعلمين المرشحين للوظائف التعليمية بإجراء تحاليل لكشف السموم، وتشديدها على إجرائه بالمستشفيات الحكومية المعتمدة من قبل الوزارة. وعدم اعتماد لجان المقابلة بإدارات التعليم أية فحوص لا تتم بتلك المستشفيات، وإلزام المرشح بإعادة الفحص.
وأرجو ألا تكتفي الوزارة بتحليل السموم الجسدية والتحاليل المخبرية؛ وإنما تجري الفحوص الفكرية والاختبارات النفسية حيث تظهر لنا مخرجات من الطلبة بالغة السوء، رديئة المحتوى.
ولا شك أن وراء أي أمة عظيمة تعليماً متكاملاً ابتداء من منهج وسطي، وانتهاء بمبنى مدرسي ملائم، مروراً بمعلم قدوة سليم القوى العقلية وخالٍ من العاهات الفكرية.