فهد الحوشاني
ماذا يعني أن يستقبل أولياء الأمور معلم ومسؤول في مدرسة أوكل إليها المجتمع تربية الأجيال وهو يمسك بيد الجوال واليد الأخرى تتخلل أصابعها سيجارة! هذا المستهتر لم يضرب عرض الحائط بالنظام الذي يمنع منعًا باتًا التدخين في المكاتب، بل ضرب بعرض وطول حيطان المدرسة بقيمة القدوة الحسنة التي كنا نتوقع أنه يحملها في قلبه ويؤمن بها ويترجمها سلوكًا،
كأي معلم سوي يحمل مسؤولية الأمانة التربوية، مثل هذه الأفعال لا تصدر إلا من شخصية مستهترة تظهر أفعالها بالتراخي والتغاضي وعدم المحاسبة. وهي صورة مسيئة تضطر كل غيور على مدارسنا وأجيالنا أن يتوقف عندها، بعد أن تملأه غيظًا وحسرة على تعليم يعول عليه ويحمل همه ومسؤوليته معلمون أكفاء ناصحون مؤمنون برسالتهم ليس من بينهم هذا المستهتر ومن هم على شاكلته.
هذه الصورة نقلها لي أحد المسؤولين الذي يرأس إحدى الإدارات الحكومية التي تهتم بتوعية المواطنين كبارًا وشبابًا وأطفالاً، كان يتحدث بحماس عن مشروعات التوعية التي تشرف عليها إدارته سواء تلك التي تم تنفيذها وتلك التي سترى النور قريبًا، خاصة أنه الآن يشرف على برنامج توعوي وطني ناجح بما تعنيه الكلمة، لكنه توقف عن سرد حديثه وكأنه تذكر شيئًا مزعجًا. قال دعني أقص عليك مشهدًا أزعجني وحصل معي قبل أيام، هذا المشهد يتناقض تمامًا مع ما نقوم به نحن وتقوم به كل المؤسسات التربوية والتوعوية من برامج تهدف إلى تعزيز القيم التربوية والسلوكية، فحكى لي أنه توجه إلى إحدى المدارس الخاصة (احتفظ باسمها) بالعاصمة الرياض بهدف تسجيل قريبه، فقابله ذلك السلوك لذلك المعلم (المتعاقد)، فقفل راجعًا متألمًا ومتمنيًا أن يكون هذه المعلم نشازًا في مدارسنا. تعلمنا على يد الكثير من المعلمين المتعاقدين المخلصين والتربويين بما تعنيه هذه الكلمة ولكن لا بد لكل مهنة من مندسين ومتطفلين، أنا بدوري أنقل هذه الصورة التي تبقى غريبة على المجتمع المدرسي وأتوقع أن وزارة التعليم وإدارة التعليم الأهلي التي تحرص على الطلاب وتعليمهم و(تربيتهم) حتى وإن حذفت التربية من مسماها لن تسكت عن هذا الانتهاك لصورة المدرسة كما يجب أن تكون! التدخين آفة خطيرة تحاربها كل الدول وتجرم من خالف أنظمتها بالعقوبات المادية وغيرها، وإذا مارسها المعلم أمام طلابه وداخل مدرسته فهو يمثل القدوة السيئة، والمملكة اتخذت الكثير من التنظيمات ومنعت التدخين في المكاتب بقرار سامٍ، ومنعته في الإدارات والمطارات وغيرها. وما قام به هذا المعلم قد يوصل رسالة بأن هناك تراخيًا من قبل الوزارة وإدارات التعليم في تطبيق الأنظمة، وفي رفع حالة التأهب القصوى في المدارس ليجد الطلاب أمامهم مربين حقيقيين وليس مجرد موظفين يصلحون للعمل في أي وظيفة ما عدا المدارس. أتمنى ألا يعلم هذا المعلم الطلاب ما يقوم به من سلوكيات خاطئة، فتتحمل جريرة ذلك الوزارة والمسؤولون والساكتون عن أي تجاوز سلوكي يقوم به أي معلم في أي مدرسة، لأنه باختصار هؤلاء التلاميذ والطلاب (أمانة) لا يجب أن يحملها أو يتصدى لها من لا يقوم بحقها وواجبها. ولن نستطيع التصدي أبدًا للمتغيرات السلبية التي تطرأ على المجتمع بهذا المعلم وأمثاله، بل إنهم سيصبحون هنا قدوات سيئة يتعلم منهم الطلاب ما لا يصح أن يتعلموه من المدرسة.