د. عبدالرحمن الشلاش
لا أدري لماذا أجد نفسي عند التفكير في الانتخابات البلدية الجارية حالياً، وقد دخلت فجأة في عملية مقارنة اقتصادية بين ما يُصرف على تلك الانتخابات من أموال طائلة وتكاليف باذخة، وبين العوائد من تلك المجالس، خصوصاً وهي تدخل دورتها الثالثة؟
قبل سنوات، وعندما أُعلن عن أول انتخابات بلدية أذكر أنني كنت أشد المتحمسين لتسجيل اسمي كناخب، وأذكر أنني وقتها لم أدع فرصة، إلا وأثنيت فيها على البدء في التجربة الانتخابية الأولى في المملكة والتي قد يتبعها تجارب أخرى في مؤسسات أكبر مثل مجلس الشورى.
في الدورة الأولى بلغ الحماس الشعبي ذروته، وشارك مرشحون يُصنَّفون على أنهم «سوبر ستار» في المجتمع، بينهم مثقفون ورجال أعمال، لدرجة أن التنافس بين الحملات الانتخابية وصل إلى أعلى المستويات، فشهدنا تنافساً محموماً في تلك المخيمات الانتخابية، فشملت برامجها ندوات ومحاضرات وربما وصلت إلى حد الإسراف في الصرف المالي وتقديم الولائم، لكن لأنها التجربة الأولى فقد اعتبرت مهرجانات شعبية تعزز القيم الجديدة، ويمكن ترشيدها في الدورات اللاحقة.
بتنا في تلك الأيام لا نتحرك إلا على وقع الإعلانات في وسائل الإعلام وصور المرشحين وبرامجهم عبر اللافتات في الشوارع، كنا نستمتع بالبرامج في التلفزيون والإذاعة والمقابلات مع المرشحين والناخبين، لذلك جاءت الدورة الأولى متميزة ومثيرة رغم ما شابها من تأثيرات غير مقبولة على الناخبين من بعض الإقصائيين من ذوي التوجهات الأحادية بإقناع الرأي العام عبر رسائل بمرشحين غير جديرين كانت الرسائل تأتي بهذه الصيغة: «انتخبوا هؤلاء براءة للذمة»، وكأن بقية المرشحين بما فيهم من أسماء لامعة لا تبرأ بهم الذمة!
اليوم، ونحن نخوض في غمار الدورة الثالثة بعد تسع سنوات من البداية هل تغير شيء؟.. وهل الأمور تتحرك للأفضل أم عكس ذلك؟... وماذا عن قوائم الناخبين، وهل شهدت زيادة أم العكس؟.. وماذا عن المرشحين ونوعياتهم والمكانة الاجتماعية لكل واحد منهم؟.. وماذا عن الصدى الشعبي والإعلامي للانتخابات؟
من ملاحظة البدايات، نجد أن الإقبال ضعيف وأقل من المأمول، وقد برر أحد المشرفين ضعف الإقبال في مقابلة مع قناة «أم بي سي» في برنامج صباح الخير يا عرب بشدة الحرارة وبداية العام الدراسي، وهي في نظري تبريرات غير مقبولة ولا تُعبّر عن الواقع، فالبداية يمكن تأجيلها إلى الشهر القادم، حيث تقل درجات الحرارة كثيراً ويكون الاستعداد أكثر اكتمالاً!
رغم دخول المرأة لقوائم المرشحين والناخبين إلا أن الحماس والإقبال كان أقل بكثير من الدورتين الماضيتين، فعدد المرشحات من النساء 240 فقط، وهو رقم لا يُوازي فورة الحماسة بدخول المرأة للمعترك الانتخابي، والدوائر الانتخابية تشهد إقبالاً خجولاً من المرشحين والناخبين فما هو السبب؟
في نظري أن نتائج المجالس البلدية الضعيفة في الدورتين الماضيتين انعكست على توقعات الناس والتي هبطت بشكل مخيف، فالمجلس البلدي بصلاحيات محدودة جداً، ولا يملك في الغالب سوى التوصيات التي يرفعها للأمانات والبلديات، وليس للعضو تلك المكانة في مدينته، وإذا استمرت الأحوال بتلك الصورة، فأخشى أن يأتي الوقت الذي لا يتقدم فيه مرشحون!