عمر إبراهيم الرشيد
لم تعد الرياضة مجرد فعاليات ترفيهية، بل غدت قطاعاً مؤثراً في الاقتصاد والاجتماع والصحة والسياسة، وغدت البطولات الكبرى مثل كأس العالم والألعاب أولمبية ميادين تنافس شرس بين دول العالم للفوز بتنظيمها، لما لها من منافع ومكاسب وسمعة تحرص عليها الدول الناهضة.
قبل أيام حققت فلسطين أول فوز لمنتخبها الكروي على ماليزيا، فوز كهذا مرَّ مرور الكرام على اهتمام الكثيرين ربما،
.. لكن هذا الحدث له آثاره الإيجابية على الفلسطينيين وإخوانهم خارج الأرض المحتلة عرباً ومسلمين ممن تسكن القضية وجدانهم وفكرهم. أي تحفيز ودعم معنوي ونفسي سوف يكون عوناً لهم مهما استصغرناه، وقد كتبت هنا من قبل محيياً دعوة أمين عام منظمة التعاون الإسلامي الدكتور إياد مدني للمسلمين في العالم لزيارة الأراضي الفلسطينية والقدس تحديداً، وعدم إعطاء حكومة الاحتلال الذرائع لاعتبارها أرضاً إسرائيلية باتباع سياسة عدم التطبيع، وهي قطيعة محقة تتبعها الجامعة العربية مع حكومة الاحتلال الإسرائيلية منذ عقود، لكنها بالطبع لها آثارها السلبية على الفلسطينيين لا تخفى على ذي عقل. إنما بعد قيام السلطة الفلسطينية في رام الله وأجزاء من الأرض الفلسطينية بدأ الكثير من العرب مسئولين ومواطنين اختراق الحواجز والوصول إلى فلسطين، ومثل هذا التواصل على صعوبته إنما هو دعم لإخواننا هناك مهما كان حجم هذا الدعم.
في الثامن من هذا الشهر - غداً - سوف يلتقي منتخب الإمارات العربية المتحدة منتخب فلسطين في رام الله، في مباراة تاريخية لها تأثيرها المعنوي والنفسي الكبير ودلالتها لدى الشعب الفلسطيني الصابر، إذ إنها أول مباراة رسمية للمنتخبين وعلى أرض فلسطينية. وبعدها سوف يخوض منتخبنا الوطني كذلك مباراته أمام شقيقه الفلسطيني ضمن التصفيات المؤهلة لكأسي آسيا 2019 والعالم 2018 في روسيا. مباراة لكنها في الحقيقة تظاهرة شعبية بنكهة وشعور مختلف، تعطي الرياضة معناها الأصيل، ولن تكون مشاعر إخواننا الإماراتيين وأبنائنا السعوديين ومعهم أشقائنا الفلسطينيين عابرة في تلك المباريات، وهذا اعتقادي وتوقعي الشخصي، لأن الظرف المكاني والزماني مختلفان تماماً.
ومما يدعو للاعتزاز دعم هذه البلاد الطيبة لإخواننا في فلسطين، وليس ببعيد ما قدمته حكومة المملكة - أيدها الله - لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين من دعم مالي ليواصل أبناء المخيمات دراستهم، وتسهيل استيراد المنتجات الزراعية والغذائية الفلسطينية إلى المملكة، وهذه أمثلة فقط، إلى جانب الدعم من دول الخليج العربي ومصر وبعض الدول الإسلامية.
الرياضة والاقتصاد ودعم مؤسسات المجتمع المدني، وإقامة الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية في الأراضي الفلسطينية من قبل الخليجيين والعرب يشكل دعماً لا يقل عما تقدمه كثير من الحكومات، أو لنقل هو مكمل لها، وله تأثير لا يشعر به إلا إخواننا هناك والذين هم بين مطرقة الاحتلال وسندان الحصار وتقطع السبل عن محيطهم العربي. هل تكون مباراة منتخبنا ومنتخب الإمارات الشقيق الكروية أمام إخوانهم الفلسطينيين فاتحة لبدء التواصل وبداية جديدة للدعم العربي المدني لإخواننا في فلسطين السليبة؟، اللهم أمين.