هاني سالم مسهور
فيما تتناقل نشرات الأخبار والصحف الدولية صور اللاجئين الغرقى على ضفاف الدول الأوروبية، لمئات الآلاف من الفارين الهاربين من أتون حروب حوَّلت الإنسان لمجرد أرقام تزداد يومياً في إحصاء القتلى والجرحى، في هذا وجد اليمنيون أنفسهم في مشهد مختلف تماماً، فالسعودية التي تقود تحالفاً عربياً واسعاً لاستعادته من خاطفيه الإيرانيين تقدم وجهاً مختلفاً في الحرب الأخلاقية التي تراعي كل احتياجات الإنسان.
السعودية أصدرت مبكراً قراراً بتصحيح أوضاع مئات ألوف اليمنيين مراعاة لحالتهم الاستثنائية، وقررت في جلسة مجلس وزرائها التي ترأسها نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن نايف في 31 أغسطس 2015م بالسماح لليمنيين المصححة أوضاعهم بالعمل لتحسين معيشتهم وحفظاً لكرامتهم. نصف مليون يمني استفادوا من هذا الاستثناء، وما يقارب ثلاثة مليين يمني يجدون في المملكة كثيراً مما فقدوه في وطنهم. الحالة السعودية مع اليمن هي استثناء أخلاقي لم يحضر يوماً في حروب دول كبرى، فخادم الحرمين الشريفين كان قد أمر بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة بمليار ريال ليدعم اليمنيين في هذه المعركة من تاريخهم.
اليمنيون وهم يتابعون بحسرة المعارك على أرضهم وتلك الجرائم المرتكبة من قبل الانقلابيين الحوثيين وشريكهم المخلوع صالح يشعرون بمصير آمن ومستقبل زاهر فيما تبذله المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، فمعركة عدن وما تلاها كشف حجماً من العطاء للدولتين للشعب اليمني يتجاوز كثيراً من أحلام هذا الشعب المغلوب المظلوم. ويكفي أن نستذكر الطائرة السعودية الأولى التي نزلت مطار عدن بعد تحريره، وكيف حمل الجنود الأبطال السعوديون أطفال عدن على أكتافهم، وكيف استشهد الجنود الإماراتيون على تراب لحج وأبين، ولم تنته حالة العطف الإماراتية بمنح مدينة عدن الكهرباء وسداد 22 مليون دولار مستحقات الحكومة اليمنية ليتم تشغيل الكهرباء بعد انقطاع دام خمسة أشهر.
تعهدت المملكة العربية السعودية ببناء مركز إيواء داخل اليمن لمعالجة كل المصابين من كل الأطراف المختلفة، حتى الحوثيين الذين حرموا الشعب اليمني كل احتياجاته سيجدون في المركز السعودي الطبيب والعلاج اللازم. هذا استثناء أخلاقي ندركه بحكم اقترابنا من الوجع اليمني والعطاء السعودي. ولا يمكن في هذا أن ننسى أمر وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بنقل الجرحى في عدن إلى مستشفيات المملكة لعلاجهم.
وفيما أطلقت دولة الإمارات حملة (عونك يا يمن) لمساعدة الشعب اليمني، تعهدت أبوظبي بتشغيل مدارس عدن بداية العام الدراسي في موعده المحدد، كذلك كان السودان الذي أرسل إلى عدن عدداً من الأطباء لمساعدة المرضى والمصابين والتزمت بنقل عشرات منهم إلى المستشفيات السودانية لتلقي المساعدة الطبية الممكنة.
هنا وقفة لابد للعرب وللعالم أن يتوقف عندها، يموت العشرات من اللاجئين عند من يدَّعون احترامهم للإنسانية، بينما يعمل الإخوة العرب ناحية اليمن التزاماً بشهامة العرب وكرمهم وأخلاقهم. هذه هي القيمة العربية الأصيلة، هي حرب ضد أعداء العرب لكنها حرب بأخلاق وبمعايير ثابتة جذرها في أرض الجزيرة العربية مهد الرسالة المحمدية. هذه هي الصورة التي يجب أن يراها العالم ويعرف قيمة أن تكون مسلماً متقلداً بأعراف العرب وشيمتهم.
صدقاً.. ليس من الهين أن تشكر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة على ما قدموه لليمن حضارةً وتاريخاً وشعباً، ليس من القدرة عند أحد في اليمن أن يجازي حكومات التزمت بالبذل بمقدار قيمتها ومكانتها بين العرب والمسلمين، وبمقدار هذا البذل لا يمكن لليمنيين إلا أن يعوا التزامهم بالعمل المخلص للخروج من أزماتهم وتصحيح مسارهم السياسي باستعادة دولتهم والوقوف الحازم ضد الذين أرادوا الالتفاف على دول الجزيرة العربية والاعتبار بدرس قاسٍ كشف لهم الصديق من العدو، فإيران لم تقدم سوى الألغام والمتفجرات، والسعودية قدمت العلاج والإيواء وشقيقتها الإمارات قدمت المدرسة والكهرباء، فهل نعي الصديق من العدو!!!