هاني سالم مسهور
في يوم 10 أغسطس 2015م تقارير تتحدث عن مقتل 132 شخصًا في جنوب اليمن نتيجة الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثيين وشريكهم المخلوع علي عبدالله صالح في لحج وأبين، وكان من بين المصابين نائب البرلمان ومستشار الرئيس اليمني الشدادي، في ذات التوقيت الذي تحصد فيه أرواح المئات على الأرض تتوارد الأنباء من العاصمة العمانية مسقط بأن الحوثيين الذين يلتقون بالمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد باتوا قابلين بتنفيذ القرار الدولى 2216 من الجدير هنا أن نتوقف مليًا عند جرائم وفظائع جسيمة ارتكبت وترتكب بحق المدنيين الذين أصبحوا على مواعيد دائمة مع الموت قتلاً.
منذ تحرير العاصمة الجنوبية عدن ظهرت الألغام المزروعة حول المطار وبلغت ذروتها مع تقدم المقاومة الجنوبية في لحج وأبين على التوالي، هذه الجريمة ليست الوحيدة، فهناك جريمة أخرى تتمثل فيما عرضته القنوات الفضائية من شهادات أسرى الحرب الأطفال الذين جندهم الحوثيون لخوض معاركهم، الوجه الحقيقي للمأساة اليمنية بات يكشف عن وجه كالح لا يحتمل قدرة على الصمت والتغاضي عنه.
منذ حرب صيف 1994م ومعاناة أهالي عدن ولحج لم تتوقف مع ألغام زرعتها القوات الغازية آنذاك، وعملت الحكومات اليمنية مع الأمم المتحدة منذ عام 1997م على برنامج لنزع الألغام الذي لم يكتمل نتيجة لعوامل مختلفة أهمها الفساد الحكومي في نظام المخلوع صالح الذي لم ينجح في توفير المبالغ المطلوبة لاستكمال ذلك البرنامج الدولي، كما أن هنالك مأساة أخرى خلفتها تلك الحرب بزراعة الآلاف من الألغام البحرية التي فتكت بأرواح المئات من مرتادي البحر على ساحل أبين.
وجاءت هذه الحرب لتضعنا أمام حالة أكثر تأزمًا مع تقديرات هائلة لزراعة ألغام امتدت حتى محافظة شبوة، فلا يكاد موقع مرت من خلاله مليشيات الحوثيين إلا وتركوا خلفهم كمائن الفتك والقتل، الجريمة لا تنتهي أبدًا مع تأكيدات الحكومة اليمنية عبر وزيرة الإعلام نادية السقاف بأن كثيرًا من تلك الألغام هي من صناعة إيرانية بأنواع مختلفة وكذلك أحجام وأشكال متنوعة ما بين معدنية وبلاستيكية ومنها مضادة للدروع.
ولتكتمل الجريمة فإن الأطفال الأسرى من الحوثيين يضعون العالم أمام استحقاق آخر يحتمل استحضار العدل والقانون، فلقد تم إجبار الآلاف من الأطفال عنوة وتحت تهديد آبائهم لحمل السلاح في جريمة ترتقي لمصاف الجرائم ضد الإنسانية، فالأطفال الذين أسرتهم المقاومة الجنوبية هم بين ست إلى أربعة عشر عامًا، جريمة لا يمكن أن تكون إلا في بلد كاليمن تعددت فيه الجرائم، فلقد فعلها المخلوع صالح عام 1994م عندما أخضع الأطفال لخوض الحرب تحت شعار محاربة الشيوعيين في الجنوب والآن يخضعونهم لمحاربة الدواعش والتكفيريين في الجنوب، تعددت الأسباب والجريمة واحدة.
نظام المخلوع صالح وعبر العصابات المنظمة كان له وعبر ثلاثة عقود من حكمه جريمة مع أطفال اليمن تتمثل باختطافهم من ذويهم وإرسالهم إلى خارج اليمن ليعملوا متسولين في دول الخليج العربية، عبر واحدة من أكثر الجرائم شيوعًا في اليمن، مما أنتج جيلاً من اليمنيين لم يحصل على ما يستحق من التعليم والصحة بل حصل على ما لا يستحق من نزع الكرامة والحرية في تجارة تعادي كل القيم البشرية.
من غير الحكمة أن يبحث المبعوث الأممي عن طوق نجاة لأطراف تورطت في دماء اليمنيين ليس في أتون الحرب فقط بل في سنوات طويلة لن ينفك فيها اليمنيون يحصدون ما زرعه الانقلابيون من ألغام تحصد أرواحهم وتصيبهم بإعاقات جسدية، كما لا يمكن أن يتجاهلوا أن أزمات نفسية سيكون لها ارتداتها المتواصلة على كثير من الأطفال الذين شاركوا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
يكفي تجاوزات بحق الشعب اليمني الذي يدفع فواتير باهظة منذ ما قبل 1962م تحت شعارات سياسية واهمة، وأجندات حكم بالية، حان الوقت الحقيقي ليتوقف اليمنيون عن إهدار حقوقهم من الذين صنعوا بهم كل هذا العبث وعرضوا مستقبلهم قبل حاضرهم لمخاطر لا يمكن أن تنتهي حتى وإن وجدوا لهم مسوغات لينفذوا من جرائمهم.