عبد الاله بن سعود السعدون
جاء في افتتاحية ديباجة الدستور العراقي الآية الكريمة {ولقد كرمنا بني آدم} صدق الله العظيم ،ويتشدق واضعو دستورهم بالماضي بقولهم متفاخرين بأمجاد الماضي( نحن وادي الرافدين موطن الرسل والأنبياء ومثوى الأئمة الأطهار ومهد الحضارة وصناع الكتابة ورواد الزراعة ووضاع الترقيم، على أرضنا سن أول قانون وفي ووطننا أعرق عهد عادل لسياسة الأوطان) ..!!
إذا كان هذا العراق جنة عاد مهد الحضارة ورواد الزراعة، وفيه أعرق عهد عادل لسياسة الأوطان، ولا أدري هل يعي معاني هذه المسطرات الدستورية العريقة حكام المنطقة الخضراء والذين لا يحفظون إلا نصوص شعر شبنامه للشاعر محمد أزهري باللغة الفارسية.
وأكثرنصوص دستورهم وضعوه على الرف.. وأين واقع حال المواطن العراقي ممن كفل له الدستور من حقوق وامتيازات تحفظ كرامته وتصون إنسانيته بتقديم العمل المناسب لمؤهلاته العلمية والعملية حسب نص المادة 22 من الدستور (العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة) وحال الشعب العراقي بعد ثلاثة عشر عاماً عجافاً من البؤس والحرمان مع الخوف والقلق تؤرق ليله الفوضى الأمنية يستيقظ يومياً على أصوات المتفجرات وصراخ الضحايا (وللأسف) كرم العراقي الذي اشتهر به أجبرته الضروره والعوز من سكن بيوت الصفيح والتعيش من بقايا الفضلات، ويكذب حكامه على المواطنين الذين أبتلوا بهم بتمسكهم التام بنصوص الدستور !!
الكتل السياسية والأحزاب المذهبية المتناحرة هي المسبب الرئيسي للفوضى الأمنية باحتكارها السلطة والمناصب الحكومية بتقاسمها بينهم على طريقة تقاسم الكيكة لكل حزب جزء متناسب مع عدد ممثليها بالبرلمان بمحاصصة مقيتة ورخيصة والمواطنين لا ينيبهم حتى الفتات لتبلغ نسبة البطاله لأكثر من 43 % علاوة على التهديد الأمني بوجود عصابات داعش وجرائمها المتوحشه من قتل وقطع رقاب وحرق وتفجير يومي داخل العاصمه بغداد ويزيد دافع الهجرة وترك الديار العراقية بسبب توقف الأستثمار والتنميه الأقتصادية والبلاد تعيش على طريقة ( أسرق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) دون تخطيط ولا برامج أقتصادية من أجل ترميم المصانع العديدة المتوقفة منذ الغزو الأنكلو أمريكي ناهيك عن الفساد بكل صنوفه وحيتانه الكبيرة التي تنخر بجسد الدولة العراقية حتى أصابها الهزال .
إن أنعدام الأمن والمنسوبيه الحزبيه والعائلية وفقدان مفهوم تكافئ الفرص في المنافسة على الوظائف العامة هي محفزات الهجرة بين الطبقة المتعلمة وأهل الخبرة سالكين طريق أقليم كردستان عبر تركيا الى أرض الأمان دول الأتحاد الأوربي وكثيراً ما يقعون فريسة سهلة لعصابات تهريب المهجرين في أسطنبول وسرقة أموالهم بتهريبهم بطرق خطرة وغير قانونية قد تنتهي رحلة الهجرة الى جزيرة يونانية مهجورة وخالية من مظاهر الحياة يلاقون الجوع والعطش والضياع لأيام حتى تأتيهم النجده اليونانية، وبعدها لذل الحجز والترحيل. أما مجموعات الموت المنقولة بقوارب مطاطيه عبر البحر الأبيض المتوسط ضحايا عصابات المافيا ليقدموهم وجبه طازجة لأسماك البحر، هدية من تجار الحرب وعصابات التهريب المجرمة، دون رحمة أو إنسانية...
إن هجرة نخبة الكفاءات العلمية وبهذا الشكل المأساوي لظاهرة مخزية ومحرجة لسكان المنطقة الخضراء من الفاشلين المزورين ولابد على منظمات العمل المدني تدارك مسببات هذه الهجرة القسرية المخزية للدول الأوربية و التي ارتبكت مجتمعاتها للزخم الهائل من أفواج المهاجرين العرب وبصورة غير نظامية وعوملوا من قبل رجال الأمن المجريين عند الحدود الألمانية المجرية بقسوة وعنف مما حدا بوزير خارجية فرنسا انتقاد رجال الأمن المجري قائلاً أن الأمن الهنغاري يتبنى سياسة(مخزيه) تجاه اللاجئين تتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوربي وبشكل صارم وقاس ولابد من (الترحيب) بكل اللاجئين خاصة بأنهم فروا من بلدانهم لأسباب أمنية وسياسية، ويقدر كل الشعب العراقي الإجراءات الحكومية التي أعلنتها المستشارة الألمانية ميركل بالترحيب باللاجئين ومنع أي عمل عدائي من المتطرفين الألمان ضدهم، وقد رفع المتظاهرون في ساحة التحرير صور ميركل مع شعارات محبه وتقدير للشعب الألماني الشقيق ( وإذا استمرت موجات هجرة الكفاءات العلميه لأوربا سيجد حكام العراق أنفسهم داخل مجموعة من عديمي الكفاءة والخبرة لإدارة المؤسسات الحكوميه العراقيه وقد يضطرهم ذلك لاستيراد الكفاءات الأجنبية والبقاء تحت سيطرة ونفوذ العلم المستورد !!!
وأدمعت عيني لثلاث أبيات من الشعرالحزين أهديها نيابة عن روح طفل مهاجر عربي غريق رماه الموج على سواحل تونس العربيه، أهديها لضمير كل من سكن بلاد العرب من المحيط الأطلسي الى سهول الصومال الشقيق.
{ يا أيها البحر لا تبكي وتبكينا ... وكفكف دموعك أن الدمع يؤذينا}.
{ متى ستعرف أن الموج موطننا.. فليس من بلد في البر يؤوينا}
{ كل البلاد بوجه الضيف مقفلة إلا السماء أراها قد رحبت فينا}