خالد بن حمد المالك
على هامش زيارة الملك سلمان للولايات المتحدة الأمريكية أُتيح لرؤساء التحرير والإعلاميين والكتَّاب والمثقفين ثلاثة لقاءات مهمة، تمَّ من خلالها التعرُّف على طبيعة الزيارة، ومساراتها المختلفة، وكثيرٍ مما لم تقله البيانات والتصريحات، وفي مجملها كانت المعلومات التي استمعنا إليها غنية وتنم عن إيجابيات في الموقف الأمريكي، وعن توافُّق على مسارات جديدة للعلاقات الثنائية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، ضمن شراكة حقيقية في العلاقات بين الدولتين بجميع صورها وأشكالها، بما يُؤمل أن يُفعِّل الدور السعودي - الأمريكي في التعامل مع التطورات الجديدة في المنطقة وبالعالم.
* * *
كان اللقاء الأول مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي أوجز القول، واختصره بما هو مفيد، وقال ما كان يريد أن يقوله للحضور بوضوحه وصراحته المعهودين، وعبَّر بما أجاب به على ما كان يشغل أذهان الإعلاميين، وصاحبَ ذلك مداعبات أبوية حانية منه لأعضاء وفد وزارة الثقافة والإعلام، في جلسة عامرة بالقول السديد، فهمَ الحضور منها أن الرجل الكبير راضٍ عن أداء الإعلام والإعلاميين، متابعٌ لما تنشره الصحف تحديداً عن الزيارة وغير الزيارة، ما ثمَّنه الجميع لخادم الحرمين الشريفين وشكروه عليه.
* * *
اللقاء الثاني المهم أيضاً كان مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي دخل بالتفاصيل، وتوسَّع في إعطاء المعلومات، وأجاب على كل سؤال، وتحدث في كل موضوع كان مثار النقاش في الاجتماع، بحضور ذهني عالٍ، وترجمة حقيقية شاملة لكل المسارات ذات الصلة بالحاضر والمستقبل، وصاحبَ حديثه وإجاباته تأكيدها وتوثيقها بالأرقام والإحصائيات والمواقف، وفي ثقة لا حدود لها أكد على أن المملكة هي الأقوى والدولة الأهم بالمنطقة، وأن المهم الفعل لا القول، والحقيقة لا الادّعاء، والشعور بالمسؤولية، ومن دون خلط الأوراق دون حساب لما هو آتٍ بعد ذلك، وفيما كان يتحدث على هذا النحو من الصراحة والوضوح، كانت نبرة صوته تأخذ طابع القوة والتّحدي والإصرار أحياناً، والهدوء بانتظار الأسئلة أحياناً أخرى، وذلك بحسب طبيعة السؤال ونمط الإجابة عليه، بما أظهر الانطباع لمن استمع إلى سموه للمرة الأولى، وكأنه يقرأ من أوراق كانت بين يديه - والأمر ليس كذلك - وإنما يرجع ذلك إلى فطنته وذكائه وحكمته، وما يختزنه في ذاكرته القوية من أرقام وإحصائيات ومواقف حين كان يجيب على الأسئلة التي توالت على سموه دون تردد.
* * *
اللقاء الثالث، وله أهميته أيضاً.. كان مع وزير الثقافة والإعلام النشط الدكتور عادل الطريفي، وهذا اللقاء كان على مرحلتين، أفاضَ الوزير في حديثه عن الزيارة، واستبق صدور أي معلومات عنها، بإعطاء الوفد الإعلامي الكثير عنها وعن لقاء الملك سلمان والرئيس أوباما، وما صاحبَ الزيارة من نشاطات أخرى، وتحديداً ما تم التّوصل إليه من اتفاقيات في مجال التجارة والاستثمار بين البلدين، وكان الحوار معه مفتوحاً للحديث عن كل الجوانب السياسية والأمنية والثقافية والاقتصادية، بما مكَّن الحضور من الاقتراب إلى الأبواب المغلقة لمعرفة الأجواء التي أحاطت بالزيارة الملكية للولايات المتحدة الأمريكية، ومن اللقاء بمرحلتيه الصباحية والمسائية أمكننا أن نستحضرَ النتائج ونوظِّفها - مع شيء من الاجتهاد - للوصول إلى القيمة المضافة من هذه الزيارة على العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية.
.. يتبع