ناصر الصِرامي
كنا صغاراً لا نعي الأحداث من حولنا، لكننا بحماسة كنا ندفع ريال، ريال في ذلك الوقت له قيمة لا تضاهي، كان الشعار وقتها «ادفع ريالاً تنقذ فلسطينياً»، اليوم بلغ إجمالي المساعدات السعودية الرسمية للضفة الغربية وقطاع غزة 6.7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) تمثل نحو 14.4 % من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني.
ولعقود كان الفلسطينى مرحب به على أراضي البلاد، ليس كلاجئ، ولكن كمقيم وضيف له حقوق تتجاوز حقوق الأجانب في التعليم والصحة والسكن غيرها من الخدمات، ودائماً كان هناك طالب فلسطينى أو أكثر إلى جانبنا في مختلف المراحل التعليمية.
في بداية التسعينيات الميلادية غزا صدام حسين بكل حماقة الكويت، واحتلها وشرد شعبها كانت كل المنافذ السعودية والبيوت والقلوب مفتوحة للشعب الكويتي المنكوب حينها.. كانوا ضيوفاً لا لاجئين، حتى تحررت الكويت ورفع الاحتلال العراقي وعادت الشرعية.
وفي حرب البوسنة كانت حملات التبرعات لا تتوقف، وهو أمر تكرر شعبياً ورسمياً مع كل كارثة تحل ببقعة في عالمنا العربي والإسلامي، حتى في حرب أفغانستان المشؤومة، كانت الأموال الرسمية والشعبية تتدفق بكرم مبالغ فيه..!.
تساهم المملكة العربية السعودية بأموال طائلة لمساعدات اللاجئين حول العالم، وتعد من بين أكثر الدول مساهمة في موسسات الأمم المتحدة الإنسانية المختلفة وغيرها، وبحسب تقرير لصندوق النقد الدولي عن اقتصاد المملكة، يشير التقرير إلى أن السعودية من البلدان التي تقدم مساعدات مالية كبيرة للعديد من الدول، من خلال رصدها دعماً ضخماً لدول المنطقة، وذكر التقرير أن المساعدات المالية المباشرة المقدمة للدول العربية فقط، بلغت 85 مليار ريال (22.7 مليار دولار) خلال الفترة من يناير 2011 إلى أبريل 2014.
وطالما كان هناك جدل مستمر في الداخل الشعبي عن قيمة هذه المساعدات وجدوها، ولماذ لا تترك للداخل وحسب، نقد عام لم يرتق لقيمة المملكة السياسية وتأثيرها وضرورة هذه المساهمات في المساعدات الانسانية لكل سكان الكرة الأرضيّة التى نتشارك معهم سكنها!.
في مسيرة الإعمار لكل الدول العربية والإسلامية وغيرها المتضررة، ظلت السعودية مساهم رئيسي من غزة للبنان إلى إندونسيا والمغرب، من المحيط آلى الخليج دون استثناء. وهي موثقة عبر المؤتمرات الدولية والإقليمية ومحركات البحث المعلوماتية.
حتى في موضوع الخدمات الطبية، بقيت البلاد قبلة المحتاجين العاجزين، وحملت عنوان مملكة الإنسانية.
في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط الحافلة بالنكبات والمغامرات، كانت المملكة ولاتزال جسر إغاثية لكل أنواع المساعدات للاجئين، من المخيمات الفلسطينية، وحتى المخيمات التى أقامتها في شمال البلاد للعراقين، واحتضنت ألفاً منهم، وصولاً إلى البدايات الأولى لمخيمات اللاجئين السوريين في الأردن وتركيا ولبنان، بدعم إغاثي لم يتوقف إلى اللحظة.
اليمن -مثلاً- احتلت المرتبة الثانية للدول العربية المتلقية للمساعدات المالية المباشرة التي تقدمها المملكة، حيث بلغ إجمالي المساعدات المالية السعودية المرصودة للجمهورية اليمنية 14.3 مليار ريال (3.8 مليارات دولار) خلال الفترة من يناير 2011 إلى أبريل 2014، واستلمت اليمن منها 4.4 مليارات ريال (1.2 مليار دولار) فقط نتيجة الأحداث الدائرة في اليمن مؤخراً. وتمثل المساعدات المالية السعودية لليمن نحو 8.4 % من إجمالي الناتج المحلي اليمني..!.
لـ(السعودية) إرث كبير، وإرثه يتجاوز المادي إلى الأدبي والأخلاقي والإنساني، فاللاجئون ضيوف مكرمون، ويوجد اليوم نحو 9 ملايين تقريباً أجنبي على أراضيها، ومن هؤلاء هناك نحو مليون ونصف المليون يمني، وأكثر من خمسمائة ألف سوري، منح عدد كبير منهم مؤخراً تصاريح إقامة نظامية بما يوفر لهم خدمات صحية وتعليمية متكاملة، دون وصفهم بـ»لاجئين».. بل ضيوف تم التنازل عن الكثير من الشروط من أجل تسهيل إقامتهم وحياتهم، بكل الحقوق الممكنة مادياً ومعنوياً.
لذا لن تجد في السعودية شيء اسمه لاجئ أو لاجئون أبداً، بل ضيوف مكرمون، لهم تقدير استثنائي في مواجهة ظروفهم الاستثنائية. المشكلة إن ذاكرة البعض قصيرة للغاية، قصيرة عن عمد أو جهل، كما أن إعلامنا خجول جداً.. خجول بما يكفي وزيادة.