كوثر الأربش
بلا أمان، لا وجود للطمأنينة. لذلك نؤمِّن على السيارة والمنزل وما دون ذلك، فما بالك بأمان البلدان؟ السور الذي يكتنف الحِمى كلها. الطمأنينة هي الشعور الذي يمكنني وصفه بدقة أثناء مقابلة الملك سلمان ومن ثم ولي ولي عهده، الأمير محمد بن سلمان للوفد الإعلامي.
حينها علمت أننا نعيش مرحلة جديدة حرفياً، جَنينا وسنجني مغانهما لاحقاً. مرحلة يمكنني أن أضعها، وبكل ثقة، بين الحزم والذكاء. الحزم متمثلاً في كل تفاصيل قرارات الملك وكلماته. أحدها: «لسنا بحاجة لأحد» الكلمة التاريخية التي أطلقها الملك في لقائه لأوباما. لم تكن البداية، إنما أبرزت معالم الحزم المرحلي الذي نعيشه في المملكة اليوم. وهكذا كان مجمل خطابه، الذي تجلّت فيه الثقة، والإرادة، والوعي التام بمكانة المملكة في العالم، الذي لا يمكن لأي بلاد أخرى احتلالها وإن اجتهدت. الحقيقة التي لا يسع العقلاء تجاوزها، أنّ سيادة المملكة بحكم موقعها، وثرواتها، ومكانتها الدينية في العالم، أمر لا يمكن المساس به. هذا ما تدركه القيادة في المملكة، وتجلّت في شخص الملك تحديداً. وفي القرارات الاقتصادية التي ستضع الاحتكار في موقف منافس أمام فتح المجال للمالك الأجنبي للاستثمار في التجزئة، وبشكل كامل في الداخل. وليس هذا كل شيء.
أما الذكاء فقد تجلّى في ردود الأمير محمد بن سلمان، سرعة البديهة، الوعي، قوة الذاكرة التي ظهرت في سرده أرقاماً دقيقة وإحصاءات. إنني لم أمتلك إلا الشعور بالغبطة والفخر، حين رد على أحد السائلين، بما معناه: إنّ الإعلام يعتبر السلطة الرابعة، لكن الكاتب لابد أن يؤدي دوره في النقد الهادف، بدلاً عن المحاباة، دون مبالغة تصنع أعداءً من حيث لا يدري، النقد الذي يسدد ويكتشف المشكلات ويضع الحلول. لكأنما في طيات كلماته كان يعني أننا لسنا بحاجة لإعلام متملِّق، إنما موضوعي وفاعل وناقد. في الحقيقة لم أتمالك ابتسامتي. ابتسامة الدهشة والطمأنينة هناك. شعورك بالأمان وأنت في بقعة من الأرض يحتضنها الحزم من جانب والذكاء النادر من جانب آخر. بين ملك صاحب قرار واثق، وأمير حصيف، ذكي ودبلوماسي ولا يحب التملُّق، خاطين لمملكة تحمل شعار «لا مزيد من الكلام» طريقاً مباشرًا نحو ثبات واستمرارية. إننا بحق أمام تغيير صاخب في الأيام المقبلة. لأنّ الأرباح يمكن التنبؤ بها حين يديرها قائد محترف ومهني. وهذا ما سنظفر به في الغد.. في الغد القريب جداً.