د.عبدالرحيم محمود جاموس
سألني أحـــد الأصدقاء ما هي الوهابية؟! وأنـــا لست فقيها، ولكني مسلماً، وسياسياً، وقارئـــاً للتاريخ العربـــي الحديث والقديم، فكانـــت إجابتي المختـصرة هذه على سؤاله من واقع متابعتي ومعايشتي للواقع هي الآتي:
هناك مذهب أحمد بن حنبل، وعلى مذهبه طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدعوة...
والوهابية جاءت من رحم مذهب الحنابلة، السائد في بلدتي عنبتا وادي الشعير، وبعض قرى طولكرم وجنين في فلسطين، من أتباع الحنابلة بسبب العلامة ابن قدامة المقدسي الشامي ابن جماعين الفلسطيني المنتسب لنفس المنطقة...
ولذا بعد ثلاثة وثلاثين عاماً من إقامتي في السعودية لم أجد إلا تطابقا بين ماعرفته عن الدين عن أهلي وأهل عنبتا وما وجدته في السعودية، وما يميز دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رفضه الشركيات بكل صورها، بدءاً من تقديس القبور إلى طريقة الغسل والتكفين... فهو يقوم على رفض البدعيات والشركيات....
ولكن هناك عملية أدلجة وتسييس لدعوته من البعض، ما دفع بعض أصحاب المذاهب الأخرى أن يربطه بالشيخ محمد بن عبد الوهاب وحكم آل سعود، وكانت المحاربة لهذا المذهب الحنبلي الوهابي في الأساس مصرية عثمانية ولأسباب ودواعي سياسية أكثر منها دينية، تهدف تأكيد السيطرة العثمانية المصرية آنذاك، على الدولة السعودية الأولى وإنهائها، وإحكام السيطرة العثمانية على الجزيرة العربية.... وبالتالي وسموهُ بالتشدد ليبرروا مواقفهم السياسية العدائية منه ومن الدولة السعودية الأولى....
في وقت سادت فيه الخرافات والدروشة والزوايا الصوفية والبدع الشركية، في ظل الدولة العثمانية، ومناطق سيطرتها، وربوع افريقيا الإسلامية، ولتعارض المذهب الحنبلي مع ذلك، وتمسك ابن تيمية وابن قدامة ومن بعدهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رفض البدع والشركيات.... ومنها بعض الطرق الصوفية البدعية الشركية والقائمة على تقديس الشيوخ والمقابر، واصلت تلك الجماعات وسم الوهابية بالتطرف، والادعاء والزعم بأنه مذهب وهذا غير صحيح، وما يجري اليوم من محاولة لربط الإرهاب بالوهابية، هي استمرار لتلك السياسات التي تستهدف النيل من وجود ووحدة الدولة السعودية، في حين أن القوى التي تمارس هذا الإرهاب اليوم هي قوى سياسية لا علاقة لها بالدين سواء بالمذهب الحنبلي أو غيره من المذاهب، هدفها هو التحكم والسيطرة وفرض الاستبداد باسم الدين، والحاضنة الأساسية السياسية والفكرية لها هي جماعة الإخوان المسلمين القطبيين نسبة إلى (سيد قطب وشقيقه محمد قطب) اللذان أسسا لتكفير الدولة والمجتمع، وسعيا فكرياً لتأسيس دولة ومجتمع وفق تصورهم وفهمهم الخاص للدين وللدولة وللمجتمع، وهذا لاعلاقة له بفكر المذاهب الإسلامية السنية الأربعة واتباعها، وإنما هو محاولة سياسية من تلك الجماعات لفرض سلطانها على المجتمع والدولة مستخدمة فهمها الخاص للدين وللمجتمع وللدولة .