سعد الدوسري
لا أحد يعرف مَنْ وراء التصور التقليدي السائد، الذي يفرض المديح أثناء الحديث عن المنجزات، ويرفض في نفس الوقت الانتقاد وإبراز السلبيات التي تشوه تلك المنجزات. مثل هذا التصور، يشكل معوّق رئيس لحماية المنجز واستدامته. وعلى القائد الناجح للمشروعات العظيمة، أن يتيح المجال لمن ينتقد، بنفس درجة إتاحته لمن يمتدح، وإلا سيجد نفسه وحيداً مع أناس بلا ملامح وبلا هويات، همهم إسعاده وإرضاؤه.
إن السمة التي يسمها بعض المسؤولين للكاتب الذي يبدي رأيه بمشروع جديد، هي سمة غير جديدة، فهي نابعة من مثل شعبي قديم، بأن هناك مَنْ لا يعجبه العجب، ولا الصيام في رجب! على الرغم من أن عدم الإعجاب مسألة شخصية صرفة، بعيدة عن الظرف الزمني أو المكاني أو الفكري أو العقدي. من حق أي إنسان أن يُعجب بمشهدٍ ما، حتى ولو لم يعجب الآخرين. الإمعات السذج هم مَن لا يجهدون أنفسهم بإصدار الأحكام، فيجعلون الآخرين يصدرونها بالنيابة عنهم.
في نفس الوقت، هناك من يبيع مديحه بيعاً. وهؤلاء هم التهديد الحقيقي للمنجزات، فهم يعون السلبيات، لكنهم يتغاضون عنها، طمعاً في رضى مدراء المشروع، وفي هبات وعطايا مخصصات العلاقات العامة.
يجب أولاً أن نصحح المفاهيم والتصورات السائدة، وهذا التصحيح سيخدم أول ما سيخدم المديح. فإذا أُتيح المجال لنقد وإبراز السلبيات، فإننا سنعطي للمديح قيمته الحقيقية، وسوف لن نعتبره نفاقاً لازماً.