سلمان بن محمد العُمري
من أركان الإسلام العظيمة التي فرضها الله تعالى فريضة الحج، كما قال تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاَ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (سورة آل عمران: 97).
ولهذه الفريضة مقاصد وغايات، والإسلام دين المساواة الحقة التي لا تفرق بين غني وفقير ولا بين أبيض وأسود، ولا بين عربي وعجمي، فالجميع وفدوا لأداء ركن عظيم من أركان الإسلام، يرتدون رداء واحداً في شكله ولونه، يعلنون العبودية، والتوحيد لله وحده لا شريك له في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، يطوفون جميعاً بالكعبة، ويقفون جميعاً بعرفة في وقت واحد، وفي أيام محددة، يحلقون أو يقصرون، ويرمون الجمار معاً، هدفهم واحد هو نيل ثواب أداء هذه الفريضة العظيمة، والحج المبرور الذي يَجُبُّ ما قبله من ذنوب، وآثام، لا يستطيع أحد أن يميّز غنيّهم من فقيرهم، وهم في ملابس الإحرام، بعد تجرّدهم من متاع الدنيا وزينتها. لا فرق بين حاكمهم، ومحكومهم، وهم يرفعون أكف الضراعة، والتوسل للواحد القهار طلباً للصفح، والمغفرة، والنجاة، حيث لا وساطة بين العبد وربه إلا العمل الصالح الخالص لوجه الحق -جلّ وعلا-.
إنّنا في أمس الحاجة إلى الغوص في أسرار شريعتنا الربانية بعامة، وفي مقاصد الحج بخاصة في تحقيق الأخوة الإسلامية، والوحدة الإيمانية، وعلاج آفات الكبر والغرور، وتطهير النفوس من الحقد والحسد، والشك وسوء الظن، وتجنّب الظّلم، ونبذ عوامل الفرقة والشقاق، لأننا لو وعينا المقاصد الشرعية، والدروس التي يجب أن نستفيدها من هذه الشعيرة العظيمة لاستطعنا -بإذن الله- أن نقف صفاً واحداً ضد من يريد ديننا بسوء، وأمتنا بشر، ولامتلكنا من أسباب القوة ما يؤهلنا -بإذن الله- لتبوؤ مكانتنا، واستحقاق الخيرية التي وصف الله بها أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال -تعالى-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} (سورة آل عمران: 110).
والحج ليس طقوسا يؤدّيها العباد بلباس الإحرام، وفق متطلّبات العمل الدّنيوي، وعندما نكون صادقين مع أنفسنا وربنا قبل كل شيء تتطهّر النفوس من شوائبها النّتنة، وتتطهّر من الأدناس والضغائن وبهذا تعالج الأنفس المريضة.
* * *
باختصار:
- من يتجاوز الإساءة.. ليس عاجزاً عن ردّها، ولكنّه عرف قدر المسيء فتجاهله، وعرف قدر نفسه فارتقى بها، ورفعها عن كل ما لا يليق.
- تذكّر أنّ الحقيقة لا تموت وإن غيّبت، وأن الصدق ينتصر ولو بعد حين، وأن المعروف سيثمر يوماً ولو كان في غير أهله.