يوسف المحيميد
كثير من القضايا المحلية والعربية والخارجية هي فرصة لكثير من المتاجرين بها، فهناك من يتاجر بأمراض الناس، وهناك من يتاجر بقضايا الأمة، وهناك من يتاجر بآلام الضعفاء والمحتاجين والأرامل والأيتام.. إلى آخره. ولعل إحدى أكثر القضايا التي تنافست عليها الدول والأحزاب والتيارات منذ الخمسينيات من القرن الماضي وحتى الآن، هي القضية الفلسطينية، مرة باسم القومية والعروبة، ومرة باسم الدين والمسجد الأقصى، وثالثة باسم أطفال فلسطين، وهكذا يتعدد المتاجرون، وتخسر القضية!
هذه الأيام أطلق أحدهم هاشتاق دعم المرابطين والمرابطات بالمسجد الأقصى بريال واحد، ورغم سهولة إنشاء مثل هذه الوسوم أو الهاشتاقات في موقع تويتر، إلا أن كثيراً ممن يكتبون بها يكشفون عن فهم ووعي عميق، بأن هذه الأموال لا تذهب في الغالب إلى أهدافها المعلنة، وإنما تذهب لمشروعات حزبية أحياناً، أو تتحول إلى عمليات سرقة مكشوفة حذرت منها وزارة الداخلية مراراً.
حينما يضع أحدهم بأن الندوة العالمية للشباب الإسلامي مسؤولة عن هذه التبرعات، بينما لا تعلن الندوة ذلك بوضوح في موقعها، وعلى صفحاتها في وسائل التواصل الاجتماعي، ولم تكتفِ بذلك، وإنما تنفي علمها بمثل هذه التبرعات حينما يتصل بها بعض الإعلاميين، فإن ذلك يعني أن أمور التبرعات المعلنة في مواقع التواصل الاجتماعي يشوبها الكثير، ومن الصعب إقفال مثل هذا السيل العارم من وسائل الضحك على الناس، سواء بنصرة الأقصى، أو دعم الشعب السوري الشقيق، أو دعم دول أخرى تعاني من مآسٍ إنسانية، إلا بتوعية الناس وتحذيرهم من وضع أموالهم كتبرعات قد تحقق أهدافاً إرهابية!
حينما يأتي الإعلان من جهات رسمية تتبع الدولة، فهو الدليل الوحيد على مصداقية هذه التبرعات، وهو ما يمكن للمواطنين التفاعل معه بثقة وأمان، أما ما عدا ذلك، خاصة ما يقوم به، والترويج له، منتمون لتيارات واتجاهات حزبية معروفة، فهو ما يجب التعامل معه بحذر، بل وتحذير الآخرين منه!
لا يختلف اثنان على أن هذه البلاد وقفت، وما زالت تقف، منذ عقود عديدة، مع القضية الفلسطينية، ومع دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وتدعمها بكل ما تستطيع، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، أما ما يحدث من تجاوزات وأفعال فردية وشخصية، في مواقع التواصل الاجتماعي، فهو ما يجب تجاهله، وعدم الاستجابة له.