إبراهيم عبدالله العمار
نادراً ما يوجد في الحياة أبيض أو أسود. كل شيء تقريباً يحوي الحسن والسيئ. يمكن لموقف أن يكون سيئاً ومفرحاً في نفس الوقت، وأن يكون شيء يحوي الجمال والقبح، وأن يكون المرء متديناً ومذنباً، وهلم جراً. ومن هذا الوجه فإن هناك 3 ظواهر في الجسم البشري ظاهرها السوء لكن باطنها الرحمة:
1 - الألم.. إنذار
في طفولتي، أصابتني آلام كما تصيب كل إنسان.. آلام السقوط، أو البطن، أو حروق أو خدوش.. إلخ. ذات مرة تمنيت أن جسمي لم يحوِ أي أعصاب لكي لا أشعر بالألم!
لكن لم أدرك أن الألم من أعظم نِعَم الله علينا. إن الألم نظام إنذار، مهمته أن يحميك من الضرر والوفاة، فكم من أطرافٍ حُفِظَت لَمّا أصاب ألم النار الجلدَ وسحب ذلك الشخص يده بسرعة لكي لا تشتعل النار في يده أو جسده، أو الأقدام التي نجت لما وطئت الرِّجل شيئاً حاداً وارتفعت فوراً بسبب الألم لكي لا تضغط أكثر على مسمار أو زجاجة مكسورة. كم من أرواح حفظت بسبب الألم.. ألم الرئة من استنشاق غازٍ ضار، ألم حرارة الشمس على الوجه الذي يجبر على ارتداء واقٍ للرأس يحمي المخ أهم أعضاء الجسم، والكثير غير ذلك.
2 - الحمّى.. حماية
يخاف الناس من الحمى ويتوجسون منها، وما تصيب المرء حتى يهبوا لإزالتها بشتى الأدوية، لكن الحمى نعمة أخرى من الله. كيف تحصل الحمى عادة؟ يستشعر جسدك أن جسماً ضاراً دخل مثل فيروس أو بكتيريا، فينشط الجسم فوراً لحمايتك وذلك بأن يرفع الحرارة ليقتل هذا الجسم الغريب وكذلك بزيادة إنتاج مادة اسمها «انترفيرون» مهمتها قتل الفيروسات. يقول أطباء إن الحمى علامة سلامة جهاز المناعة في الأطفال والناس عموماً.
ج- الإغماء.. إيصال الدم
الإغماء له عدة أسباب، لكن من أهداف الجسم في بعض الحالات عندما يُفقدك وعيك ويجعلك تسقط مغمىً عليك هو أنه أحس بنقص في الدم المتجه للمخ وهذا من أخطر الأشياء التي يمكن أن تحدث، ويسبب الوفاة أو ضرراً دائماً، ورغم مخاطر السقوط إلا أن المخ يرى أن قلة وصول الدم للمخ أخطر، فإذا أسقطك على الأرض صار الجسم أفقياً وصار ضخ الدم للمخ أسهل من قبل لمّا كان يمر بموقفٍ صعّب العملية (مثلاً إبطاء الدورة الدموية)، وزاد هذا الموقف صعوبة أنه مقاومة الجاذبية لوصول الدم من الأسفل للأعلى.
لن ترى شيئاً تكرهه في عمليات الجسم إلا وله حكمة، فغير التي بالأعلى فهناك مثلاً الصديد والذي يحوي خلايا الدم البيضاء التي اتجهت لمكان الإصابة لتقتل البكتيريا، والغثيان عندما يشعر الجسم أنه أكل طعاماً سيئاً أو أنك أكثرت في الأكل فيمنعك من تناول المزيد، والكثير غير هذا، فلله الحمد.