د.ثريا العريض
العيد عادة فرصة للابتهاج والاحتفال. وقد تزامن هذا العام عيدان يومنا الوطني الـ85 وعيد الأضحى لعام 1435. مع الأسف جاء عيد الأضحى هذا العام ملتفاً بالموت وأحزان البشرية وبخاصة المسلمون, وتصاعد صخب الاتهامات المغرضة. أما الوطن فموقعه القلب وله الحب والاحترام والإخلاص سواء عزفت الأناشيد ودقت الطبول أو صمتت تفاعلاً مع الحدث الآخر المفجع الذي تدافع فيه قرابة ألف حاج مسلم إلى الموت في الطريق لرمي الجمرات.
وأمام الموت لأي سبب لا نملك إلا أن نقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. وأن يكون ذلك بخطأ أو تقصّد بشري؟ «لا حول ولا قوة إلا بالله»! وأن يكون في أطهر بقعة على الأرض وأثناء أداء المناسك؟ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. بعثهم الله ملبين راضين. ويظل ما حدث مصاباً جللاً مؤلماً موجعاً. ولله حكمته في ما يشاء.
تكاثرت المحن في جوارنا العربي حتى لم يعد المصاب يعرف كيف ومم يتدارى! وهل ما يحدث من مصائب تخنق أخبارها استقرار المجتمع وأمن واستقرار الدول هو بفعل فاعل أم هو دائماً مفعول به.
بعد مأساة التدافع جاءت مأساة اغتيال الأخوين الداعشيين لابن عمهما تنفيذاً لفكر إرهابي دموي. فكأن الهموم تكثفت حتى طالت قلب الأسرة.
ويأتي من يقول: أرأيتم؟ وصل النخر الحجر الأساس! ونقول ولله الحمد على كل حال وعليه الاتكال ومنه العون والسند.
ربما مع هول ما وصلنا يتعظ المبررون والمنافحون ويعيد الوعاظ والمناصحون النظر في نتائج نصائحهم.. والله يمهل ولا يهمل.
اللهم امنح عبادك الطيبين انفراجاً ليتوقف سيل المصائب ومسبباتها.
مرة أخرى أدعو الله أن يأخذ صانع القرار وقائد المسيرة بزمام الحزم ويقر قوانين تجريم الكراهية والإقصائية والعنف الأسري, وردع الصاخبين, والمعتدين, والمؤلّبين ضد الفئات المختلفة. ليمتنع الجهلة عن تأجيج الفرقة والتحريض على العنف وتهديد أمن الوطن والمواطنين الأقربين والأبعدين.
نحن بحاجة ماسة إلى تسريع إجراءات تقويم مناهج التعليم, ومعاقبة المفسدين في الأرض قولاً وفعلاً.
آن الأوان أن يكون السائد هو التمسك بالذمة والانضباط وتطبيق القانون بكل تفاصيله أينما جاء, ومعاقبة من يكسره متعمداً أو جاهلاً. آن الأوان أن يصبح الإخاء وصدق الانتماء مرادفاً للهوية الوطنية وجزءاً لا يتجزأ من متطلباتها. وأن يصمت الناعقون بغير ذلك.
وبقي أن أوضح أن الاتكال على الله لا يعني ترسيخ الاتكالية.. ولا بد من العمل المخلص على كل المستويات لنحقق التوازن المطلوب بين استحقاق رضا الله وتحقق الأمنيات الذاتية وتحقق المجتمع الآمن.
وقل اعملوا فسيرى الله أعمالكم.. كما يرى نياتكم وما تخفون وما تعلنون.
اللهم امنح الشباب نقاء البصيرة وقوة المثابرة لتعديل وجهة المستقبل, ليكون كل عيد قادم فرصة مستحقة للابتهاج بالإنتاج والرضا الشامل.