عروبة المنيف
تفتح عينيك صباح العيد مستبشراً بأجمل المعايدات التي تنهال عليك عبر هاتفك المحمول سواء كان من الأقارب أو من الأصدقاء، مستعداً للقاء الأهل والأحبة فرحاً سعيداً بدعواتهم بأن يكون عيداً سعيداً مليئاً بالفرح والطمأنينة والسعادة على الجميع.
في ظل تلك الأجواء السعيدة يفاجئك خبر وفاة 769 وإصابة 934 حاجاً في حادثة تدافع في مشعر منى بمكة المكرمة لينقلب عيدك حزناً وأسفاً على أولئك الحجاج الذي توافدوا من كل بقاع الأرض طمعاً في المغفرة والرحمة من أجل الخشوع والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى.. ولكن نقول قدّر الله وما شاء فعل؛ وندعو لهم بأن يتقبلهم المولى عزّ وجل شهداء صالحين.
لقد تعاملت أجهزة الدولة بكفاءة عالية مع الحدث وكانت أول القرارات، التوجيه الصادر من ولي االعهد لأمير محمد بن نايف بتشكيل لجنة تحقيق عليا في الحادث للوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى حادثة التدافع في شارع «204» المؤدي إلى جسر الجمرات بمشعر منى، وذلك للخروج بتوصيات وحلول تساهم في تحديد الأسباب ورسم الخطط وتحديد الإجراءات التي يجب أن تطبق في مواسم الحج المقبلة تفادياً لما حصل في حج هذا العام.
لا يخفى على أحد الهجمة الشرسة الموجهة للمملكة من الإعلام الأجنبي المعادي، حيث كانت تلك الحادثة بمثابة شرارة حاولوا استغلالها من أجل تأجيج المشاعر على المملكة سواء في الداخل أو الخارج.. لقد خرجوا بمطالبات «ساذجة» تدعو بأن يكون الحج تحت «إدارة إسلامية» حتى لا تتكرر تلك الحوادث المأساوية، مشككين بقدرة المملكة في إدارة شعيرة الحج!.
الجميع يعلم أجنداتهم ونواياهم ولدينا ثقة كبيرة بحكومتنا وبقدرتها الجبارة في إدارة الحرمين الشريفين وبما تنفقه من مليارات في سبيل الرقي بخدمات الحج من أجل راحة وسلامة الحجيج.. فأموالنا ولله الحمد تنفق من أجل خدمة حجاج بيت الله الحرام، لا من أجل تمويل وتسليح مليشيات هدفها نشر الحرب والقتل والدمار والمآسي الإنسانية في العالم.
الحياة دروس ومن لا يتعلم من دروسها لا يستحق الاستمتاع بمباهجها، والجميع في هذه الحياة يتعرض لأحزان ومآسٍ وكوارث، ولكن التحدي هنا الاستفادة من تلك الدروس.
إن التحقيقات في كوارث حج هذا العام سواء «حادثة الرافعة» والتي أوقعت 111 شخصاً وإصابة 238 آخرين، أو حادثة «تدافع مشعر منى سوف تتم بمنتهى الدقة والشفافية وبمباشرة القيادات العليا في الدولة، فهي تمس المملكة قبل أن تمس الرأي العام العالمي أو العدو المتربص، ولن يثنيها ما حدث عن تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن التي شرفنا الله بها.