فهد عبدالله العجلان
لم يتبق من مظاهر وحدة الأمة الإسلامية في العصور الحالية سوى الحج، فهو يمثل رغم الفرقة والخلافات والصراعات التي استشرت بين الدول والشعوب الإسلامية مناسبة رمزية شاخصة الشواهد، حيث يتحد فيها جميع المسلمين ملبين لرب واحد ومستقبلين لقبلة واحدة مرتدين لزي واحد، اليوم ونتيجة لحوادث عرضية لم يتجل بعد حقيقة أبعادها والمتسببين فيها تفاجئنا بعض التصريحات الإيرانية لتتحدث عن تدويل إدارة الحج، بعض من يتلقف مثل هذه الدعوى لا يدركون الخلفيات التي تنطلق منها، فحكومة إيران مثلاً وهي صاحبة قصب السبق في تعزيز فرقة المسلمين في مواقفها وأفعالها تدعو إلى التدويل ليكون ميداناً واسعاً لها لاستثمار موسم العبادة والركن الخامس من أركان الإسلام في حروبها ومعاركها ضد الآخرين واستثماره كمنصة تحريض وتمزيق!، فالدولة التي ما فتئ حرسها الجمهوري يخرب ويزرع الخلاف في كل شبر في المنطقة لم يجف بعد حبر مؤامراتها على الحجاج وعلى البلاد التي ترعى الحرمين، والتاريخ خير شاهد على ما حدث، فحين فجرت الأنفاق وقتلت الحجاج وأشاعت الخوف أمام العالم كله كانت ترى في ذلك جزءاً من مشروع التدويل الذي يمنحها القدرة على استثمار المناسبة الإسلامية كورقة وميدان سياسي للعراك وتصفية الحسابات!.
ولذا، فإن مشروع التدويل الذي يطلقه بعضهم وتجعجع به بعض وسائل الإعلام المأجورة بات مكشوفاً للمسلمين أجمع أنه ليس أكثر من شعار لتزييف الواقع باطنه الرحمة ومن قبله العذاب!.
وفق ما تظهره الأحداث يوماً بعد يوم، لا بد أن نستذكر حديث المجرمين باعتباره حديث أمنيات وإشارات بل وخطط تنضج وتهيأ لها الظروف والساحات.
قبل أشهر، وحين انطلقت عاصفة الحزم، تحدث (المسود) حسن نصر الله في خطاباته التي لا تظهر إلا حين تقيد مساحة أحلام أسياده عن تهديد يستهدف الحرمين الشريفين، وأشار صراحة إلى التخطيط لهدم الكعبة وتفجير قبر المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم من قبل المتطرفين من الدواعش.
في نظري، أن هذه الزمرة الباغية من الطائفيين المتمسحين بلبوس التشيع والدواعش المتلثمين بوشاح الإسلام دون أن تعرف لقادتهم وجوه أو ألوان يعملون ويخططون لأهداف مشتركة تتقاطع فيها أولوياتهم، فقبل سنوات تجرأت إيران سيدة (السيد) وفجرت المراقد الشيعية في العراق لتخلق فتنة طائفية تستطيع من خلالها إدارة الملف العراقي بنفس طائفي تحاصر فيه السنة ويتعاون معها فيه كل المترددين والمختلفين من الشيعة وعلى رأسهم نوري المالكي وقد نجحت وللأسف، واحتضنت قيادات الإرهاب العالمي لتستثمرهم كأوراق في دعم أدوارها ومواقفها المشبوهة في المنطقة وقد نجحت كذلك.
شخصياً، أرفع بهذا المقال لكل الأمة عامة وقادة هذه البلاد خاصة استنكاري لممارسات هؤلاء الغارقين في أحلام الزعامة والامبراطوريات المذهبية الموهومة لأن ما يحذرون منه هو ما يعملون على تحقيقه أو المساهمة في حدوثه باعتباره ينسجم مع مخططاتهم وأهدافهم التي لا ضير لديهم أن تجري دماء المسلمين أنهاراً ليضعوا في غمارها مراكب أحلامهم.... والتاريخ وأحداثه مكشوفة لمن يريد قراءة المستقبل!