محمد المنيف
أود أن ألفت النظر إلى أنني أقول (البعض) من الصالات التي تعرض اللوحات التشكيلية، ليس تعميماً؛ حتى لا أغمط حق أحد من البعض الآخر من الصالات التي أنشأها ويديرها فنانون سعوديون، مع أن الغالبية ينطبق عليها الوصف بأنها تشبه صوالين الحلاقة ومحال الخياطة والبوفيهات من جانب الإدارة لهذه الصالات التي يكتفي أصحابها (السعوديون) بوضع اسم المالك لها على اللوحة، أو على التصريح الذي لا علاقة له بمفهوم صالة العرض، وإنما قد يكون لمحل بيع البراويز، أو لمؤسسة متعددة الأغراض، أو جزء من تجارة عامة.. إلى آخر المنظومة؛ إذ ليس لوزارة الثقافة والإعلام أي علاقة بها سوى إجازة الأعمال الفنية التي تعرض فيها.
يترك أصحاب تلك الصالات الحبل على الغارب بمنح القائم عليها (من غير السعوديين) إدارتها كيفما يشاؤون. ومنهم من له دراية بالتسويق، ومنهم من ليس له دراية، ويجمعون من هب ودب من المعارض، ويختلط في تلك الصالات الصالح والطالح من البشر، وأصبحت بهذا المزج البشري والفني تجمعاً يثير الاستغراب، ويبعث على الاشمئزاز؟
بالطبع، لا يمكن الاعتراض على وجود مثل هذه الصالات؛ فلست مسؤولاً مباشراً عنها، ولكنني أمثل العين الحريصة على هذا الفن بأن يقدَّم بشكل يليق به. فالأمر يتعلق بالمسؤول الأول عن تلك الصالات؛ كونها تمثل أحد روافد ثقافة المجتمع في مجال الفنون البصرية. ونعني بالمسؤول الأول الشخص السعودي الذي منح التصريح، والذي لا يعلم الكثير منهم ما يدور في صالاتهم، وما عليه إلا تلقي نصيبه من (الغلة) آخر الشهر أو السنة.
هذا الأمر وهذا التسيب تسبب في الكثير من التجاوزات. ومن ذلك سماح إحدى الصالات بعرض أعمال خادشة للحياء دون الرجوع لإجازة تلك الأعمال من وزارة الثقافة (الإجراء الرسمي المعمول به). وصالة أخرى اعترضت على تدخل لجنة في منع بعض الأعمال التي تلامس الدين. أما الأخيرة فقد غض مدير الصالة الطرف عن عرض أعمال لم تكن مدرجة ضمن ما تمت إجازته، تتضمن إيحاءات لا يمكن عرضها لعدم توافقها مع القيم ولا المبادئ التي يتمسك بها المجتمع السعودي، مع ما تسيء به للذائقة العامة متخطياً النظام الخاص بإجازة الأعمال الفنية، ومهمشاً ما قامت به اللجنة.
هذا الواقع تسبب في الكثير من نثر فيروسات لا يقبلها الجسد الاجتماعي، وأصبحت تلك الصالات (البعض) مثار تساؤل بعد إقامة كل معرض نتيجة ما يتم فيها من تصرفات إن لم تكن مباشرة فهي مؤشر لما بعدها.