فهد بن جليد
من مشاكلنا المُتكررة (الرأي الواحد)، ففي معظم مواضيعنا تُسيطر علينا (القطعية)، و(اليقين) حتى في تلك المواضيع التاريخية والتراثية، وهناك من يُهاجم كل من يُخالف نظريته، أو روايته خصوصاً مع تعدُّد المُنتجات، والمؤلّفات في هذا الباب، القابل أصلاً للاختلاف، والقائم على تعدُّد الروايات!.
الخروج للإعلام، والحديث عن تاريخ الجزيرة العربية، وربما سرد وقائع تاريخية من أيام الجاهلية، وتحديد شخصيات، ومسارات، وطرق، وأماكن هذه الأحداث بشكل قطعي - دون ذكر المراجع - التي تم الاعتماد عليها لحسم المسألة، وحفظ حقوق الباحثين والمؤرِّخين السابقين، فيه إجحاف ومُصادرة لحقوق هؤلاء الذين أفنى بعضهم حياته في البحث، والمُراجعة، والتأليف، ونسب كل هذا الجهد (للمُعد والمُقدم) للفوز بالنجومية، هو أمر مُحرج للغاية، وربما كان أحد أنواع السرقة الأدبية والتاريخية، عند التفرُّد بالمعلومة وكأنها نزلت من السماء على من يقولها - دون ذكر المصادر - لأنّ مصدر المعلومة يؤكدها، وينفي الحرج، ويحفظ حقوق الآخرين!.
نحن حتماً لن نخترع العجلة في هذا الباب، والمسائل التاريخية قائمة على التوارث في البحث، والتناقل والتتابع، ولربما كان الاختلاف، وتعدُّد الروايات من سمات هذا العلم، ويجب ذكره هنا، وهو الدور المُنتظر (لهيئة السياحة والتراث الوطني)، في ضرورة مُراجعة (محتوى) مثل هذه البرامج، والتأكد من صحة المعلومات التاريخية المذكورة فيها، وقطعية تحديد المواقع وسرد الأحداث، قبل منح (تصريح التصوير) داخل المملكة، أو مُراجعة المحتوى قبل (بثه وعرضه) على الجمهور والمُشاهدين، وهذا ليس دوراً رقابياً، بقدر ما هو (واجب وطني)، وتدخُّل حقيقي لحفظ التاريخ والموروث، وتقديمه بطريقه صحيحة، وغير مشوّهة، ومُثبت من الجهة المرجعية في الهيئة!.
لا شك أننا جميعاً نُشجع تعدُّد هذه البرامج، ونبارك نجاحها، ونسعد كثيراً بخروج بعضها (بقالب مُشوق)، ونثمِّن كل جهد بُذل فيها، وذكر في أي منتج آخر (إذاعي)، أو (كتب ومؤلّفات) ولكن لا معنى لها، إذا لم تكن مُستندة على مراجع سابقة، يتم ذكرها، والتعريج على بعض الآراء المُخالفة ، أو الروايات المُتعددة عند الحاجة والضرورة، لأنّ المسألة ليست قطعية، أو نهائية في تحديد المواقع والشخصيات، مع تسفيه رأي الآخرين من الباحثين السابقين!.
برأيي أنّ المسألة تحتاج تدخل من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بالتنسيق مع بعض أساتذة الجامعات، وأقسام التاريخ؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.