د. محمد عبدالله الخازم
هناك ثلاث احتفاليات كبرى تجريها وزارة التعليم - التعليم العالي - تتمثل في معرض ومؤتمر التعليم العالي السنوي، مؤتمر طلاب التعليم العالي السنوي، وحفلات التخرج للمبتعثين. تلك الاحتفاليات تهتم بها أو كانت تهتم بها وزارة التعليم (العالي سابقاً) بشكل واضح، تجند لها عشرات الموظفين والدكاترة والمستشارين سنوياً. لن أتطرق لموضوع تفاوت وتباين مستوى التنظيم لتلك الاحتفاليات من عام لآخر، ولن أتطرق للمصاريف و المداخيل وغياب الرؤية الاستثمارية، بل سألج مباشرةً إلى أفكار تهدف لتطويرها وتقنينها.
معرض ومؤتمر التعليم العالي يعتبر أهم احتفاليات التعليم في المملكة والمنطقة، وقد أصبح تظاهرة مجتمعية تخدم أهدافاً سياحية واقتصادية ومجتمعية وليس فقط تعليمية. أعتقد أنه أبرز فعالية يجب أن تستمر لفائدتها في التعريف بالبرامج الجامعية المحلية والدولية وإتاحة المجال للتعاون وتبادل الأفكار وبناء العلاقات العامة بين مؤسسات التعليم الجامعي. ربما يكون من المناسب أن يتم تنظيمه عن طريق القطاع الخاص وليس عن طريق الوزارة مباشرة، كما يحدث حالياً، عله يتخلى عن استعراض ديكورات الجامعات وهداياها الغذائية. الأهم من ذلك هو أهمية نقل أو تنقله من منطقة لأخرى فليسوا أبناء الرياض فقط من يحتاجون معلومات عن الجامعات المحلية والأجنبية. ربما يكون مناسباً تدويره بين الرياض وجدة والدمام، بحيث ينظم كل عام في مدينة مختلفة. بالنسبة للمؤتمر العلمي المصاحب فيغلب عليه الاستعراض والعموميات، أكثر منه القيمة العلمية الحقيقية، وإذا كان لابد من تنظيمه فليكن عن طريق جهة علمية متخصصة وليس عن طريق وزارة التعليم!
مؤتمر طلاب التعليم العالي، أحد مساوئه هو كبر حجمه. وبحكم مشاركتي في نسخته الأولى كمسؤول عن محوره الصحي - كانت واحدة من التجارب المزعجة - أكرر اقتراحاً سبق أن طرحته عنه، ويتمثل في تقسيمه إلى ما لا يقل عن ثلاثة مؤتمرات؛ مؤتمر طلاب التعليم العالي للعلوم الصحية والطبية، مؤتمر طلاب التعليم العالي للعلوم الهندسية والتقنية والعلمية، ومؤتمر طلاب التعليم العالي للعلوم الإنسانية والإدارية والتربوية. ويتم تدوير عقد هذه المؤتمرات بمختلف المناطق عن طريق الجامعات. سنشرك هنا جامعات أكثر بما فيها تلك التي بالمناطق الطرفية ونكون قادرين على تنظيم كل فرع بيسر وبسهولة.بحيث لا ينظم أكثر من فرع في المنطقة الواحدة كل عام. يجب أن يكون مؤتمراً طلابياً حقيقياً يقدم عليه الطالب إلكترونياً بعيداً عن ترشيحات الجامعات. كما يجب أن يصاحبه مشاركات/ ورش عمل متعلقة بالبحث وأخلاقيات البحث وما له علاقة بذلك.
أذكر مثالاً يدعوني للمطالبة بـذلك؛ خلال مشاركتي المشار إليها أعلاه، كان الغش وعدم الالتزام بأخلاقيات البحث أحد الإشكاليات التي مرت بنا، لذلك نحن بحاجة إلى جعلها فعالية ذات فائدة علمية حقيقية وليس مجرد تظاهرات إعلامية.
حفلات التخرج التي تقيمها الملحقيات الثقافية كانت بدعة بدأتها إحدى الملحقيات فتبعتها الأخريات، وهي ظاهرة مرهقة ومكلفة جداً على الملحقيات والجهات المشاركة. هي بدعة لأن الخريج يحتفل بتخرجه في جامعته، كما هو العرف في كل مكان. أعتقد أنه حان الأوان لإلغاء تلك الحفلات، وإن كان هناك ضرورة لأيام المهنة فلتعقد بالمملكة لجميع خريجي البرنامج من كافة الدول عن طريق إحدى الشركات المتخصصة، أو يكتفى بعمليات التوظيف الإلكترونية. طبعاً إضافة إلى التكاليف والإرهاق في تنظيم تلك الحفلات والمهن فلم يثبت جدواها في العملية التوظيفية.
الجانب التنظيمي لكل هذه الاحتفاليات وغيرها، يمكن إيكاله للشركات الأهلية أو الجامعات وفق مناقصات مقننة أو أن تؤسس شركة تابعة لشركة التطوير القابضة تكون مهمتها تنظيم المؤتمرات والندوات التعليمية، سواء المذكورة أعلاه أو غيرها. وأن تدار بشكل احترافي ربحي، عل ذلك يقفل بعض السلبيات المصاحبة أو التي تحدثت تحت مسمى تنظيم تلك الفعاليات والاحتفاليات.