جاسر عبدالعزيز الجاسر
لا تزال الأسئلة تطرح عن أهداف التورط الروسي في الحرب الدائرة في سورية.
روسيا قبل هذا التدخل العسكري المباشر الذي تمثل حتى الآن في مشاركة الطيران الحربي الروسي مع احتمالية تطورها في الأيام القادمة إلى المشاركة في العمليات البرية بعد ظهور إشارات في الإعلام الروسي والدعوات التي أخذت تطلق في روسيا عن السماح للمتطوعين الروس بالذهاب إلى سوريا للقتال هناك.
ولكون المشاركة الروسية في القتال المباشر قد جاءت بعد القمة الروسية الأمريكية، فإن عددا من المتابعين والمحللين العسكريين، يرون أن الرئيس الروسي بوتين قد استغل تردد الرئيس الأمريكي أوباما وحسم أمره بعد أن كان يعد العدة للمشاركة في القتال في سوريا، إذ كانت القوات الروسية قد بدأت في الإعداد لهذه المشاركة والتمهيد لها بعدد من الإجراءات والخطوات منها تكثيف التمارين والمناورات العسكرية ومنها ما جرى في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية.
إذن كانت روسيا تخطط وقبل لقاء بوتين أوباما للمشاركة في العمليات العسكرية في سوريا، وبعد أن وجد بوتين أن أوباما لا يزال على تردده حزم أمره وبدأ في تنفيذ استراتيجيته في العودة وبقوة إلى الشرق الأوسط عبر سوريا وبتوظيف أنظمة تحتاج لمن يقف معها حتى لا تطيح بها شعوبها وبالذات النظام الإيراني والنظام العراقي الذي مهد لاستبدال الانتداب الأمريكي بالانتداب الروسي بالمشاركة في الحلف الرباعي الروسي -السوري- الإيراني، ويصبح العراق الضلع الرابع الذي قبل بأن تصبح بغداد مركزا لهذا الحلف ومقراً لتنسيق عملياته العسكرية بدءاً بجمع المعلومات الاستخبارية.
بعض المراقبين ينادون بالتريث لمعرفة أهداف التدخل العسكري الروسي، وما مدى تأثيره على إحداث التغير في موازين القوى على الساحة السورية ومن ثم على المنطقة العربية.
وبتحليل أهداف التدخل الروسي العسكري في سورية الذي سيمتد للعراق آجلاً أو عاجلاً يرى هؤلاء المراقبون أن القول إن التدخل هدفه مواجهة الإرهاب والقضاء على داعش، غير دقيق تماماً، إذ إن موضوع مواجهة الإرهاب وداعش بالذات عذر وسبب يتيح لروسيا أن تقارن عملها العسكري بعمل الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف الغربي والعربي، وأنها أيضاً تشكل تحالفاً بين النظام السوري وإيران والعراق، وأنها تستهدف مواقع داعش إضافة إلى مواقع من تعتبرهم جماعات إرهابية كجبهة النصرة وبعض التنظيمات الإسلامية الأخرى كجيش الإسلام وجند الشام والتجمعات الأخرى، ومع أنها تطالب بالتنسيق مع الجيش الحر، إلا أن وزير خارجيتها يعتبر هذا الكيان العسكري، كياناً وهمياً بدليل أنهم لم يستجيبوا لطلب موسكو بالتنسيق معهم.
وهنا يعاود المتابعون طرح السؤال الأساسي هل المشاركة العسكرية الروسية جاء لقصم ظهر المعارضة العسكرية والقضاء على قدرتها العسكرية التي كانت تهدد نظام بشار الأسد التي كانت على وشك الوصول إلى دمشق وتهديد الساحل السوري الذي كانت سينوريوهات التقسيم ترشحه مكاناً للكيان العلوي.
هذا التساؤل يعزز بتساؤل آخر، وهو هل هذا التدخل يهدف إلى تعزيز وبقاء نظام بشار الأسد وجعله ليس نداً للمعارضة السورية العسكرية، بل أيضاً قادرا على استرداد المواقع التي حررتها المعارضة من قبضة النظام، أوأن التدخل العسكري الروسي هدفه الحفاظ على الساحل السوري وأجزاء من الشمال وبالتحديد محافظات حمص وحماة حلب بالإضافة إلى اللاذقية لتنضم إلى دمشق في إقامة الكيان العلوي.؟
كلها تساؤلات يطرحها المحللون والسياسيون ويتابعها المراقبون السياسيون وإن كان الروس لا زالوا يؤكدون بأنهم يهدفون إلى مواجهة الإرهاب والقضاء على المنظمات الإرهابية وأنهم يهيئون الأجواء إلى حل سياسي وتأهيل لنظام بشار الأسد ليكون جزءا من هذا الحل رغم رفض أمريكا والغرب عموماً والدول العربية لوجود الأسد، ويميل المحللون السياسيون إلى أن الأهداف الروسية متعددة، وأن كل ما طرحناه يدور في ذهنهم خاصة في ظل الاستسلام بل وحتى موافقة الإدارة الأمريكية على هذا التدخل، بل يذهب بعضهم إلى وجود تنسيق أمريكي -روسي حدد مساحات العمل العسكري الروسي بما يتيح تثبيت عمل كلا الحلفين الغربي والروسي كل في منطقته دون حدوث أي اشتباك أو تصادم سياسي وبالأخص الاشتباك العسكري بالالتزام الصارم بقواعد عدم الاشتباك.