جاسر عبدالعزيز الجاسر
يعود الكاتب من الإجازة ليجد أمامه العديد من الموضوعات التي تستحق معالجتها والكتابة عنها، وإجازة هذا العام حفلت بالعديد من الأحداث التي من أهمها اليوم الوطني لبلادي، والذي يعد يوم الوحدة العربية الحقيقية؛ فجهاد الملك عبدالعزيز الذي توج بتوحيد الجزيرة العربية الذي أبرز دولة عربية إسلامية أصبحت الدولة الرائدة عربياً ودولياً، وإضافة قوية للعالم الإسلامي والوطن العربي وقدمت خدمات جلى للمسلمين والعرب.
واليوم إذ نحتفل بالذكرى الـ85 عاماً وبلادنا أكثر قوة وتماسكا وعزة، وقد احتفل معنا المسلمون والعرب يؤكد أن المملكة العربية السعودية قوة تدافع عن المسلمين والعرب، وأنها جديرة بقيادة العمل العربي والإسلامي، وأنها أوفت بكل ما تتطلبه القيادة من أدوار ومسؤوليات، وهو ما جعل العرب والمسلمين جميعاً يحتفلون معاً باليوم الوطني بصدق ومشاركة الشقيق للشقيق.
الموضوع الآخر الذي لا يمكن تجاوزه لأحداث إجازة العيد هو مأساة التدافع الذي حصل في منى وضحايا الحجاج الذين قضوا في ذلك الحادث الذي آلم جميع المسلمين، والمهم أكثر هو محاولة ملالي إيران تسييس ذلك الحادث، وشماتة حلفائهم في لبنان وغيرهم من مستعمرات الولي السفيه في سوريا والعراق.
ويبقى الحدث الأكثر دراماتيكية وتأثيراً على مسار الأحداث في المنطقة العربية هو التدخل الروسي العسكري في سوريا والعراق، وإقامة حلف روسي يضم نظام بشار الأسد والنظامين الطائفيين في إيران والعراق، والتدخل الروسي في سورية في بداياته وسيمتد للعراق آجلاً أو عاجلاً، وإقامته مركزاً لوجستياً وعسكرياً في العراق يؤكد هذا السيناريو الذي وضعته روسيا لمزاحمته أمريكا، إن لم تكن تلك بداية الحلول بدلاً عنها، وبالذات في سوريا والعراق، والامتداد الأكثر مستغلة تردد وضعف أوباما الذي ظهر مستسلماً أمام الرئيس الروسي بوتين الذي فرض عليه إستراتيجية في معالجة الأزمة السورية، وفرض بقاء حليفه بشار الأسد، بل وحتى تقويض كل ما فعلته أمريكا في العراق.
روسيا ستعود إلى المنطقة العربية، بل هي عادت فعلاً مزيحة الأمريكيين بحجة مواجهة داعش، هذا التنظيم الذي أصبح مسمسار جحا لكل من أراد السيطرة والهيمنة على المنطقة العربية، فبعد أن نجحت أمريكا وفرنسا وبريطانيا وكندا وإيطاليا ومعها العديد من دول التحالف في تبرير تدخلاتها السياسية والعسكرية، واستباحة الأجواء السورية والعراقية ومع هذا عجزت عن دحر هذا التنظيم الإرهابي، وتدفقت معها إيران والمليشيات الطائفية الشيعية من لبنان والعراق وإيران وباكستان والهند وأفغانستان ودول آسيا الوسطى، والحجة محاربة داعش.
واليوم تتدخل روسيا وترسل أسراباً من طيرانها الحربي وقوات النخبة من المارينيز والقوات الخاصة والمظليين لمواجهة داعش في حين تغير طائراتها على مواقع بعيدة عن الأماكن التي يسيطر عليها هذا التنظيم الإرهابي.
التدخل الروسي العسكري أتاح الفرصة وأعطى الغطاء لإيران لإرسال قوات برية إلى سوريا ليصبح لإيران امتداد عسكري بري من إيران مروراً بالعراق وصولاً إلى سوريا، وهو ما يجعل سوريا والعراق محتلين عسكرياً من قبل إيران تحت غطاء وحماية روسية، وهو ما سيحول البلدين إلى إفغانستان أخرى لا بد أن تكون نهايتها كنهاية المغامرة السوفياتية في أفغانستان؛ لأن الشعوب لا يمكن أن ترضى بأي احتلال مهما كان المبرر.