عثمان أبوبكر مالي
كلما تفاءلنا بأن رياضتنا تتطور وتتقدم، وفي الطريق إلى أن يصبح العمل فيها عملاً (مؤسساتياً) بالفعل، كما يأمل الرياضيون ويتشدق بعض مسيّري الرياضة، تأتي قضية عابرة تتحول بفضل ممارسات مختلفة إلى قضية رأي عام، ويتم التعامل معها بسطحية، وتناولها بالمزاج، وتصدر لبعضها قرارات (معيبة)، تعيدنا إلى الإيمان بل إلى الواقع الحقيقي، وهو أننا نتراجع، ونعود إلى الوراء، ولا نتقدم أو نتطور!!
والسبب ليس في القضايا؛ فهي تحصل في كل بلد فيها رياضة، وتُلعب فيها كرة القدم، ويتم في قضاياها التعامل بجدية وحسمها في وقتها لوجود (قانون) يستند إليه، وهو ما لا يحصل لدينا؛ فقضايانا بدون حلول، والمشكلة هنا عندنا؛ فرياضتنا - مع الأسف - لا تزال - رغم كل السنوات الطويلة - بلا أنظمة، والقرارات التي تصدر في أغلبها هي قرارات اجتهادية، فردية، سواء كان الفرد المعني شخصاً بحد ذاته على رأس لجنة، أو حتى اللجنة التي يجوز لها أن تُختصر في (ثلاثة) أسماء، ثم يحق لهم إصدار قرار بالأغلبية، أي بموافقة اثنين، يمكن أن يحصل بينهما (ربيطية) قبل الاجتماع؛ فيصدر القرار، ويكون (نافذاً)، أو تطلب اللجنة أن يكون نافذاً، حتى من غير (تصويت) مجلس الإدارة(!!) ومع الأسف، إن المجالس توافق؛ ولهذا قلت إن بعض القرارات (فردية)؛ لأن شخصين قد يصدرانها، و(المواءمة) تتم من المجلس حتى وهو يتكون (مثلاً) من 19 عضواً بالتمام والكمال!
صحيح أن قرارات بعض القضايا التي تصدر تعتمد على (لوائح)، توضع لتنظيم العمل، لكنها قابله للرفض، عندما تأتي قضية ويتصدى لها من يحسن استخراج (الثغرات)؛ فينفذ منها؛ ليوجد حلولاً، ويستخرج قرارات تتوافق والتوجه أو القراءة أو (الشطارة) التي يملكها، وينسف اللائحة أو البند الذي بموجبه صدر القرار واعتمد عليه؛ فيشغل ذلك الوسط الرياضي برمته، ويحرج اللجنة بل المنظومة كاملة، كما حدث، وما هو حاصل بشأن قضية اللاعب سعيد المولد. وإذا كانت الكرة السعودية لا تزال تدار من غير (نظام) فليس غريباً أن تبقى رياضات أخرى حتى من غير (لوائح). ولعل قرار تعديل النظام الأساسي للاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي تم إقراره من قِبل الجمعية العمومية للاتحاد في اجتماعها غير العادي قبل قرابة أربعة أشهر، سيكون (المنقذ) لمستقبل الكرة والرياضة السعودية، عندما يقود إلى مواد واضحة، (تنظّم) العمل والعلاقات (من إلى)، ويصبح بالتالي (النظام) صريحاً وواضحاً ومعروفاً وسهلاً تطبيقه، ولا فرق بينه وبين نظام (المرور) الذي أصغر شخص في البلد لو سألته عن كبرى المخالفات لأجابك بالتفصيل قبل وبعد ساهر!
كلام مشفر
غداً يخوض منتخبنا الوطني لكرة القدم مباراة مهمة ومفصلية في مشواره في دوري المجموعات لبطولتي كأس العالم وأمم آسيا. والدعوات تنهال للجماهير السعودية من أجل الحضور والمؤازرة من قِبل كل الأطراف.
هذه الجماهير لم تكن تحتاج إلى الدعوات والمطالبة؛ فقد كانت تملأ استاد الملك فهد بالرياض قبل المباراة، وفي وقت مبكر؛ وذلك يعود إلى أن اللاعبين كانوا (يصنعون) الدعوات لهم قبل المباراة بأسابيع، بل بأشهر، من خلال نتائج المباريات الرسمية والودية.
كانت الجماهير تتسابق إلى المدرجات وهي تتحدث عن النتيجة، وبكم سيفوز المنتخب، وبعد المباراة تتغنى بالاثنين معاً (النتيجة والمستوى)، من غير الوقوف عند الأسماء أو التشكيلة ومَن شارك ومَن لم يشارك.. فأداء اللاعبين وجماعيتهم وروحهم على المستطيل الأخضر تفرض (لحمة) الجماهير، وتوحدهم في الزي الأخضر قبل وأثناء وبعد المباراة.
من مباراة الغد الفرصة متاحة، وبشكل كبير، لجيل الأخضر اليوم؛ ليعيد صياغة (دعوة) الحضور والمشاركة للمباريات من خلال الأداء والروح والقتالية والتحمُّل والشعور بالمسؤولية. إن حدث ذلك فستأتي النتيجة، وستكون دعوة ذهبية مقبولة من الجماهير داخلياً وخارجياً.. بالتوفيق للنسور الخضر.
بين وقت وآخر يتم الحديث عن (الاحتقان) في المدرج والشارع الرياضي، وأسبابه التي يعيدها البعض إلى الإعلام، والبعض الآخر إلى الأندية ومسؤوليها. والحقيقة التي يجب التأكيد عليها هي أن (القرارات) لها دور كبير في الاحتقان القائم في الوسط الرياضي.
التباين الكبير في بعض القرارات، وتفصيل بعض (اللوائح) لتظهر وكأنها في صالح هذا النادي أو ذاك، أو لخدمة سين من اللاعبين، أو الأضرار به، يغذِّيان التعصب القائم، ويوسِّعان آثاره السلبية التي تنعكس على الأخضر والكرة السعودية عموماً.
في مناسبات كثيرة للأخضر السعودي وضعت جماهير الغربية بصمتها في مشوار المنتخب وانطلاقته التي يذكرها كثير من النجوم والمدربين، في مقدمتهم الكابتن خليل الزياني. الصورة نأمل أن تتكرر من جواهر الكرة السعودية (الجماهير) في مواجهة الجوهرة غداً.. و(أوووووه يالأخضر).