أحمد محمد الطويان
كاميرا هاتفك الذكي يخشاها المسؤول أكثر من أي شيء آخر، ويكفي أن ترصد ممارسات مشينة للمسؤول أو حاشيته، كانت قبل عصر «فيديوات الهاتف الذكي» تُمارس ويُمارس أبشع منها خصوصاً من قبل القلة البسيطة من عديمي المسؤولية والضمير ممن يتولون مواقع قيادية ترتبط بالناس وخدماتهم وحياتهم، وكانت تتم وكأنها من الصلاحيات الطبيعية الممنوحة له.
لا أحد يقبل بالظلم، وأيضاً لا نقبل بالتجني أو انتهاك الخصوصية، وبذات الوقت، الحقيقة يجب أن تصل إلى ولي الأمر لرفع المظالم أو تقويم أي سلوك مشين يرتكبه المسؤول التنفيذي أياً كان منصبه ومهما بلغت مرتبته في العلو والرقي.. لا بد من تفعيل قنوات التواصل والتحقيق الجاد في الشكاوى، وإيلاء شكوى المواطن الأهمية القصوى، حتى لا يضطر أي شخص أن يرفع هاتفه ليسجل موقفا مشينا.
الأداء الحكومي، والبيروقراطية المملة، وأجواء هذا القطاع بكل جهاته تنتج حالة زهو واستكبار عند بعض من يتولون مناصب حكومية، ويعتبرون المراجع عامل إزعاج ومصدر قلق، رغم أن الوزير والوكيل والمدير والموظف لم يوجدوا في مواقعهم إلا لخدمة سياسة الدولة التي تضع المواطن في أول الأولويات، وخدمة المواطن وإرضائه وتسهيل حياته وتيسير أموره هو الهدف الأول والأهم لوجود أي دائرة حكومية، إذاً المواطن ليس عبئاً على الإدارة، بل المطلوب ألا تكون الإدارة عبئاً على المواطنين.
سلوكيات المدير السعودي أياً كانت مرتبته أو مسماه الوظيفي جديرة بالدراسة، بين المسيء والمحسن، وبين الرتيب والمبدع، وبين المفرط بالتشديد الإداري، والمفرّط بالتشديد على الراء الذي يفتح أبواب التسيب على مصراعيها، كل نموذج من هذه النماذج الإدارية يعكس أداء الدائرة وتعكسه أيضاً، ويبقى رضا المواطن غاية، ولكن يجب ألا نقيس الرضا على أولئك الذين يكون إرضاؤهم على حساب القوانين والأنظمة، أومن يبحثون عن عناية خاصة وتسهيلات معينة دون وجه حق.
العدل بين أصحاب الحاجات، والتعامل بأسلوب حسن، وحسن التصرف مع الغاضب والمريض وكبار السن ومن يجهلون النظام، سيمنع بكل تأكيد كاميرات الهواتف من اقتحام خصوصيات الدوائر الحكومية، وليس منع حمل الجوال في الدوائر أو تجريم التصوير داخلها.. على المسؤول أن يبحث عن الجودة باجتثاث مسببات التراخي والإهمال وانعدام الحس بالمسؤولية في بعض الجهات، لأن هناك نوعا من الرصد الهاتفي يصنف جريمة بكل المقاييس وهو ما يقوم به بعض الموظفين بتصويرهم للخطابات والوثائق الرسمية ونشرها.. ليخلق كل مدير بيئة صحية يسودها حسن الخلق والتعامل الراقي والروح الوطنية الحقيقية.
كما قلت سابقاً هنا، وزارة الداخلية عرفتنا نحن المواطنين على «أبشر» وأصبح واسطة ضعيفنا قبل قوينا وفقيرنا قبل غنينا، وأبشر لم يخالف النظام بل أوجد تنظيماً يسيّد القانون وييسر على المراجعين وأصحاب الحاجات، الدور على باقي الوزارات أن تتفرغ للعمل المنوط بها وتخدم المواطنين وهم راضون خارج مكاتب الوزارات.