سعد الدوسري
اقتصَّ الله من المصورة المجرية «بيترا لازلو» التي عرقلت المواطن السوري «أسامة عبدالمحسن»، وهو يحمل «زيداً»، طفله الصغير. فلقد كانت تظن أنها ستتحول إلى بطلة قومية، من خلال فعلتها الوحشية المقززة، التي ستبدو للمجريين وكأنها حماية لبلادهم من المهاجرين العرب، إلاَّ أن احتضان فريق ريال مدريد للوالد، الذي اتضح لاحقاً أنه مدرب كرة قدم، ولولده الذي اتضح أيضاً أنه عاشق لكريستيانو رونالدو، قلبَ الطاولةَ عليها وعلى الحزب الفاشي التي اعترفت أنها تنتمي إليه. وبدل أن تتحول إلى شخصية استثنائية، غدت رمزاً للعنصرية والقسوة والبهائمية، كما تم طردها من عملها، لتتحول إلى صفر على شمال اهتمام العالم، وليتحول ضحاياها إلى أيقونات في مجال البحث عن الحرية والعدالة.
مثل هذه القصة يجب أن تلهم الذين يظنون أنهم قد خُلقوا ليعيشوا المآسي. فكم من مأساة تحوّلت نتائجها إلى بدايات مضيئة، انعكستْ على أفراد أو على شعوب. وكم من ابتلاء انقلب إلى ابتداء لحياة أخرى، مليئة بالفرح. وعلى الرغم من أننا نعي ذلك جيداً، إلاَّ أن أحداً منا لا يفكر بهذا الأمر، عندما تقع عليه مصيبة من المصائب.
إن الذين يصرّون على أنه لن يكون بمقدورنا علاج ظاهرة التطرف والتسلح والعنف والتعصب، لا يقرأون ما يحدث حولهم. فهذه الظواهر تشغل دول العالم أجمع، مع فارق أنهم يستغلونها كوقود لإصلاح مجتمعاتهم، وليس لجلد ذواتهم أو الانكفاء على أنفسهم، كما يحصل معنا!