سعد الدوسري
حين يجتمع المحتفلون في الإجازة، تكون لأحاديثهم نكهة الراحة والاسترخاء. إلاَّ أن هناك من لا يستطيع أن يتخلى عن كونه شديد الغيرة على مكتسبات الآخرين، فيجهض تلك الأحاديث بمواضيع قابلة للتأجيل. وقد يسعف الله هذا الجمع بذوي الحكمة، ممن يكون بمقدورهم سحب البساط من تحت هذه المواضيع، وإعادة المياة لمجاري الهدوء.
حدث هذا عندما كان جمع من الأقارب في مخيم مسائي، يتحدثون عن فضائل الناس المحبين للخير وللعون وللمساعدة، وعمّا تحمل هذه الفضائل من سحرٍ يجعل الناس متحابين ومتآخين. فجأةً، ينبري بصاحبنا الغيور لهذا الحديث المستكين، ليقول بكل حرقة:
- والله إنني شهدت انسحاب عدد من المتطوعين من جماعة خيرية، تدعو للتبرع للمساجد، وذلك لأن هناك من لا يخاف الله في هذه التبرعات.
فما كان من حكيم هذا الجمع، وهو الجد، إلا أن رفع يديه بالدعاء:
- اللهم احمِ جمعنا هذا من نار النقاشات، واحمِ هذه الجمعية وكل الجمعيات من الاختلاسات.
فصاح الحضور بصوت واحد، وبابتسامة جماعية:
- آمين.
ففهم هو وغيره، ألاَّ مكان للنقاشات الحادة التي سأم منها الناس، ويأسوا من جدواها.
وفي غفلة من الجميع، أجلس الجدُّ صاحبنا المحتد إلى جانبه، وهمس له:
- إن من يلبس ثوب الفضيلة، ثم يجرؤ على المساس بالتبرعات التي تصل إليه، بحكم فضيلته المزيفة، فكأنما يأكل ناراً. دعه لربه، فإنه أولى بعقابه في الدنيا قبل الآخرة.