عبدالحفيظ الشمري
من بين الأيام العالمية التي تحتفي بها الكثير من الشعوب يوم «العصا البيضاء» الذي تطل مناسبته هذه الأيام؛ ويوافق الخامس عشر من أكتوبر من كل عام.. و»العصا البيضاء» هنا رمز وإيحاء لما يتوجب علينا نحو فئة المكفوفين، بل هو رسالة إنسانية مهمة للجميع بأن نحترم ونصون معاً حقوق الكفيف في كل مجالات الحياة.
فرمزية «العصا البيضاء» المتعلقة بالمكفوفين، أنه يعتمد عليها كليا، ويتخذ منها سندا وعونا على تجشم عناء الحياة، واجتياز بعض المعوقات، فيصاغ من هذه العلاقة بينهما رمزية التواؤم بين الكفيف وعصاه، وبين الأسوياء وبياض هذه الأداة التي تميز الكفيف، أي أنه يعرف بلون عكازه الأبيض، لأن هناك من يستخدم أنواعاً عديدة من العكازات والعصي لأغراض كثيرة، فهي هنا حالة مميزة، تحتاج منا إلى تدبر ومتابعة واهتمام؛ من أجل خدمة هذه الفئة التي تنتظر العون والمساعدة.
فالكثير من المجتمعات والشعوب تعنى عناية بالغة في هؤلاء من خلال ما يوجهه الاتحاد العالمي للمكفوفين على مستوى العالم باعتبار يوم 15 أكتوبر من كل عام يوما للتوعية بقضايا المعاقين بصريا في أي مكان في العالم، فيظهر أن هناك من الأسوياء من يتجاهل هذه الرسالة في غمرة انشغالاته وتشاغله، وربما عدم اكتراثه باللمسات الإنسانية الواجب تقديمها لهؤلاء.
وما دام الحديث عن هذه الفئة ويومهم العالمي فإن الدراسات تؤكد على أنه ورغم انحسار حالات العمى التي كانت تسببها الكثير من الأمراض المعدية والقاتلة في العقود الماضية، إلا أن هناك أشخاصا يولدون وفيهم هذه الإعاقة التي تعد حالة إنسانية أكثر من كونها حالة مرضية.
فيجدر بنا نحو أصحاب «العصا البيضاء» أن لا نجعلهم في دائرة الشفقة أو العطف المبالغ فيهم، لأنهم كثيرا ما يرفضون مثل هذه الممارسات، بل ومن المهم أن لا نجعلهم يعانون كمعاناة الفئات الأخرى أصحاب الاحتياجات الخاصة، ونعني هنا ما يتعرض له المعاقون حركيا من ممارسات خاطئة في المواقف الاجتماعية والمعاملات اليومية، على نحو محطات السير، ونقاط التوقف، وطرق المشاة، لأن هناك من ينظر - للأسف - إلى واجباتهم علينا بتساهل وعدم اكتراث، فمواقف السيارات للمعاقين - على سبيل المثال - لا تزال تنتهك! وهذا يقودنا إلى حيثية مفادها أن المكفوفين أو ذوي «العصا البيضاء» قد يعانون أيضاً في ظل وجود هذه الممارسات الخاطئة.
فمن المهم أن نقلب هرم هذه المناسبة أو السلوك؛ بأن نجعل طوال العام أياما لرعاية هؤلاء، وفي هذا اليوم حصد لنتائجه ومنجزاته، وكشف حساب كامل بما قدمناه لهم، وأن لا يكون مجرد يوم واحد؛ أوعزت لنا فيه هذه المنظمات الإنسانية لنحتفي به، ومن ثم نلوذ بصمتنا حتى العام القادم.
إذاً لنحتفل مع هذا الفئة المكافحة في يومهم العالمي، ونتحسس معاً نحن بأبصارنا وهم ببصيرتهم الكثير من القيم والجماليات المعنوية في هذه العلاقة المتسمة بحب الحياة والتميز، والسعي قدر الإمكان إلى زيادة المعرفة بما يحتاجه هؤلاء المكفوفين، لنقدم لهم ما يريدون، ونمد يد العون حتى ولو بلمسات وعي وذوق في عبورهم الطرقات، ووصولهم إلى أهدافهم بيسر وسهولة، لنكون رمزا للوفاء لذوي الاحتياجات الخاصة في مجتمعنا.