د. أحمد الفراج
يكثر الحديث هذه الأيَّام عن قرب حدوث حرب عالمية، بين أمريكا وروسيا على أرض الشام!!، وعن تحدي قيصر الكرملين، فلاديمير بوتين، للولايات المتحدة، ودخوله إلى سوريا رغما عنها!!، ونقول هنا إن هذا أضغاث أحلام، فروسيا لم تدخل سوريا لتتحدى أمريكا، ولن يتقاتل الروس والأمريكان على أرض الشام، فكل ما في الأمر هو أن الولايات المتحدة لم ترغب في التدخل الجدي لحل القضية السورية لأسباب كتبنا عنها كثيراً، ولا علاقة لذلك بضعف الرئيس أوباما، فالنظام السياسي الأمريكي نظام مؤسساتي لا يتحكم به الرئيس وحده، وطالما أن روسيا وقفت مع نظام بشار الأسد منذ بدء ثورة سوريا، واستخدمت حق الفيتو ضد أي قرار يدينه، وأصرت على دعمه، وطالما أن الغرب، وتحديداً أمريكا، لم ترغب في حل القضية السورية، ولا في مواجهة التنظيمات الإرهابية في سوريا، ولأن العالم أجمع سئم من هذه القضية، خصوصاً بعد تدفق اللاجئين السوريين (المفاجئ) إلى أوروبا، وتنزل الإِنسانية على الغرب لمساعدتهم!!، أقول في خضم كل هذا، استوت «طبخة الشام»، وحان قطافها.
أقول، بعد أن استوت طبخة الشام، أعلن الروس دخولهم إلى أرضها علناً، بعد أن كانوا هناك سراً، فطفق الغرب يشجب ويندد في العلن، بينما ينسق مع الروس من تحت الطاولة، ولا تصدق، عزيزي القارئ الحصيف، أن روسيا تتحدى أمريكا، فخيوط اللعبة كلها بيد الولايات المتحدة، ولو أرادت حل القضية السورية، والقضاء على تنظيمات الإرهاب لفعلت ذلك في غضون أشهر، إن لم يكن أسابيع أو أيَّام، ولوقفت في وجه روسيا، وأجبرتها على الحياد، أو جعلتها تتحالف معها، كما حصل أثناء حرب تحرير الكويت، عندما شارك الروس في الحلف الأمريكي ضد حليفهم صدام حسين!!، وإن قال قائل إن روسيا كانت مجبرة على التحالف مع الغرب ضد صدام، لأنّها كانت في حالة وهن في ذلك الوقت، سنرد عليه بأن روسيا فلاديمير بوتين القوية تحالفت مع الغرب، أيضاً، ضد حليفها الآخر، معمر القذافي، أثناء « ثورة عملاء حلف الناتو « في ليبيا، قبل سنوات قليلة فقط، وغني عن القول إن لعبة الأمم، أو القوى الكبرى، أكبر من أن يعبر عنها تصريح مقتضب، أو تقرير صحافي، فاللعبة أكبر من ذلك بكثير.
لست هنا في وارد التبجيل للإمبراطورية الأمريكية، ولكن هذا هو الواقع العملي، إِذْ هناك ترتيب وتنسيق بين القوى الكبرى بخصوص سوريا، أو لنقل إن سوريا تحت الوصاية الروسية حالياً، أما كيف سينتهي الأمر، فهذا ما لا نستطيع التنبؤ به، ولكن نستطيع القول إن العالم أجمع يرغب في حل هذه القضية، التي طال زمنها، وكثر ضحاياها، وأصبحت بعبعاً يهدد المنطقة، والعالم أجمع، فتابعوا الحراك في أرض الشام، وما يجري في غرف منتجعات أوروبا الفخمة، خلال الفترة القادمة، ولكن كونوا على ثقة بأنه لن تكون هناك حرب عالمية ثالثة بين القطبين الشرقي والغربي.