لبنى الخميس
شبه جزيرة عربية عنواننا.. كرم وجود وعز تاريخنا.. سمرة صحراوية تميزنا.. قلبنا سماء الكويت.. ونبض البحرين.. طموحنا باسق كنخيل الإمارات.. وعزيمة الدوحة.. جذورنا راسخة كجبال عمان.. واتحادنا عرضة نجدية ثقيلة الإيقاع.
نحن الخليج.. وطن واحد رغم أنف الحدود الجغرافية.. يجمعنا حلم ومشروع مشترك.. وتربطنا ألف قصة وقصيدة.. واليوم تزداد روابطنا قوة.. ومصائرنا تشابك.. ما يجعل هذه المحنة التي تمر بها منطقة الخليج.. فرصة تاريخية لولادة مشروع خليجي متكامل ذو أذرع اقتصادية وسياسية وثقافية وإعلامية.. تمثل هذا الاتحاد وتعزز هويته وتولد من رحم متانته.. فالمواقف والظروف التاريخية تعيد تشكيل تاريخ الأوطان والحضارات.. فتتمخض عنها دول وتندثر دول.. ليظل البقاء للأقوى، والأكثر قدرة على بناء مشروع وطني حقيقي ذو رؤية بعيدة المدى. وهذا ما كتبه التاريخ عن تجربة الاتحاد الأوروبي التي استطاعت أن تحتل موقعاً متميزاً بين التجارب البشرية التي انتقلت من مرحلة الصراع والشتات والحروب، إلى مرحلة التكامل والاتحاد الذي تمخض عنها لاحقاً إنجازات عديدة ومحطات مستنيرة صنعتها إدارة الشعوب ورغبتها في تجاوز آلام وخلافات الماضي، وبناء أجيال جديدة تؤمن بالحرية والعدالة والمساواة واحترام قيمة الإنسان، فبرعت في حقوق الإنسان.. والإعلام والثقافة وإلغاء الحدود، في ظل كتلة جغرافية ملونة وممتدة ترفع فوقها علمها الأزرق بنجومه الصفراء، ليسرد قصة الاتحاد رغم الاختلاف في الدين واللغة والتاريخ.
ومن هذا المنطلق أدعو مجلس التعاون دول الخليج العربية إطلاق مبادرة في هذا الظرف التاريخي الاستثنائي الذي تمر به منطقتنا.. وهو اليوم الوطني الخليجي.. كتاريخ يحتفل به الخليجيون بوحدتهم وتقاربهم وقوة صفوفهم وعمق جذورهم المشتركة في اللغة والدين والنسب وعوامل التاريخ والجغرافيا.. يمنح فيه مواطني ومقيمي الخليج إجازة عامة تشمل كافة قطاعات الدولة.. لنستذكر فيه وحدة مصيرنا ومتانة تلاحمنا.. ونذكر فيه دول الجوار والعالم أننا كتلة متصلة لا تقبل الفرقة.. وما المانع أن يكون اليوم هو ذاته الذي تم فيه تأسيس مجلس تعاون دول الخليج في الخامس والعشرين من مايو عام 1981 في اتفاق تاريخي شهير آثرت فيه دول الخليج أن تأسس لها بيت يجمعها ويوثق ويعزز تعاوناتها المختلفة.. تقام فيه فعاليات ثقافية واجتماعية وفنية مختلفة، ويهنئ فيه قادة الخليج، وشعوبه بعضهم بهذا الاتحاد لنعزز قيم التلاحم ونستجلب فرصاً أكبر للتعاون بين أعضاء مجلس التعاون الست.
التاريخ معلم بارع.. يقدم لقرائه أغلى العبر وأعمق الدروس.. لكن بعض الأمم والشعوب تحجم عن قراءته.. وتتعالى على عبره ومعانيه.. مضيعة على نفسها فرصاً تاريخية للاستفادة والاستزادة من تجارب الأمم السابقة والشعوب الغابرة.. لذا علينا في دول الخليج أن نستشعر ونقدر تلك الرسائل التي نقلتها لنا صفحات العقود والقرون السابقة.. ونتعلم أننا نكبر باتحادنا، وننمو بعزيمتنا، ونوجد لأنفسنا مكانة بين الأمم كل ما أدركنا أننا «كالجسد الواحد» أمام كافة العوامل السياسية والاقتصادية التي قد تعصف بالمنطقة.