عثمان أبوبكر مالي
قبل سنوات قريبة جداً أخذ الاتحاد الإماراتي لكرة القدم (خطوة) عملية نحو تأهيل كوادره الرياضية والقانونية (دولياً)؛ إذ أرسل عدداً من الشباب الأكاديمي في (بعثات) خارجية للعمل على حسابه (مجاناً) في لجان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ لتأهيلهم وتهيئتهم وتعليمهم الأنظمة والقوانين واللوائح التي يعمل بها الاتحاد القاري، في خطوة (استباقية) بحثاً عن تطوير أنظمته ولوائحه، وربما هي نظرة بعيدة المدى، تهدف إلى (السيطرة والهيمنة) مستقبلاً على الاتحاد القاري، من خلال التمكن من أنظمته ولوائحه، والتعرف على كيفية إدارة الأمور في لجانه وأروقته و(دهاليزه) بموظفين (رسميين) تابعين له.
لهذا السبب لم يفاجئني تولي الاتحاد الإماراتي لكرة القدم المرافعة أمام الاتحاد الآسيوي في قضية نادي الهلال مع النادي الأهلي حول مشاركة اللاعب أسامة السعيدي، وتقديمه ـ كما ذكرت صحيفة الاتحاد الإماراتية ـ مذكرة يرتكز فيها (إلى 5 أدلة دامغة، تحسم الملف بالكامل لمصلحة الأهلي، وتغلق الجدل الدائر حول القضية، وتؤيد مشاركة اللاعب مع الفريق قارياً). ولم يكتفِ الاتحاد الإماراتي فيما قدم بالأدلة واللوائح الداخلية له، وإنما تجاوزها، واستعان باللوائح القارية والدولية، وأوردها في الدليل الخامس، الذي اعتمد فيه على (بعض اللوائح الدولية والقارية، التي تؤيد قيد ومشاركة السعيدي).
بأمانة.. قوة في العمل القانوني من واقع (خلفية) كبيرة، تستند إلى الأنظمة والقوانين؛ لذلك خسر الهلال (في المكتب) لضعف (التكتيك) السعودي في القانون الرياضي، تماماً كما خسر في الملعب لضعف تكتيك مدربه اليوناني جورجيوس دونيس.
في قضايانا الرياضية المحلية نعيش في جدل وتناقض كبيرَيْن، ولا يظهر في الشارع الرياضي السعودي قانوني رياضي من المستشارين والمحامين مقنعاً له حتى الآن، سواء من العاملين (السابقين والحاليين) في اللجان الرسمية في الاتحادات وبعض الأندية الرياضة والرئاسة العامة لرعاية الشباب، أو حتى من المتابعين والمنظّرين المشاركين بمداخلاتهم في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. وأستثني من ذلك اسمَيْن أو ثلاثة!!
حتى بعض القرارات التي تصدر من اللجان الرسمية تكون في كثير منها متناقضة بين وقت وآخر، رغم تساويها في الخطأ أو التجاوز، فضلاً عن التناقض بين اللجان القضائية نفسها. هذا على الصعيد المحلي، فما بالك بالصعيد الخارجي القاري أو الدولي؟!
طبيعي جداً أمام الوضع الذي نعيشه أن نخسر قضايانا الرياضية الخارجية التي تدخلها أنديتنا، سواء كانت تبحث عن حقوقها، أو تدافع عنها. وحتى القضايا الفردية التي تحصل للأندية مع مدربين أو لاعبين غير سعوديين تنتهي غالباً بالخسارة، وتضطر الأندية لدفع الملايين. ولا يختلف الأمر بالنسبة للاتحاد السعودي لكرة القدم؛ فهو أيضاً يخسر قضاياه الخارجية، وهو شريك أساسي في قضايا الأندية وخسارته معها.
أمام هذا الضعف الذي نعيشه قانونياً من الطبيعي أيضاً أن يتوجه بعض الرياضيين، ويبحثوا عن (المحاماة) خارجياً. والذين فعلوا ذلك نجحوا، وكسبوا قضاياهم، ومن أراد التمسك بالمحامي المحلي سيبقى محلياً.
كلام مشفَّر
· الضعف في القانونيين والمحامين الرياضيين ليس مسؤولية الأندية الرياضية، وإنما هو مسؤولية جهات أخرى، ويدخل الاتحاد السعودي لكرة القدم (منذ سنوات) في المسؤولية؛ فهو لم يقم ولم يقدم خطوة (عملية) لصالح هذا المجال الحيوي.
· حتى عندما أراد الاتحاد، ودُفع للاستعانة بقانونيين ومحامين (مستشارين) خاصين له وللجانه، لم يجد سوى (مكاتب) عامة ليستعين بها ويتعاقد معها، ولا يبدو أنهم كسبوا قضية، أو أنهم أفادوا أو حتى أثروا بثقافة القانون الساحة الرياضية.
· إذا استمر التعامل مع تأهيل (القانونيين والمحامين) الرياضيين على الوضع الحالي من غير أخذ خطوة علمية وعملية فسيستمر جهلنا وجدالنا بل ضعفنا وخسارتنا للقضايا الرياضية قارياً ودولياً.
· آخر الأمثلة على الاستعانة بالمحامي الخارجي ضد قضية محلية هو اللاعب سعيد المولد، الذي كسب قضيته أمام لجنة الاحتراف السعودي؛ فحصل على (بطاقة مؤقتة)، وأمام الاتحاد السعودي لكرة القدم، بإلزامه بالذهاب إلى الكأس.
· في قضية سعيد المولد ـ على سبيل المثال ـ ظهرت ثقافة المحامي الخارجي الذي وكّله، ومدى معرفته واطلاعه على الأنظمة والقوانين الرياضية، بدليل استعانته بالقانون السويسري (الدولة التي تحتضن الفيفا)؛ لينفذ منها إلى كسب القضية ولو مؤقتاً.
· آمل أن لا يفهم أحدٌ أنني أقلل من (القانونيين) لدينا، ولكن حديثي عن الجانب الرياضي، وهو جانب أصنف نفسي فيه متابعاً دقيقاً، وبكل تجرد أقول: لم يقنعني فيه من يعملون في الإدارات القانونية، وجُلُّهم متخصصون في اللجان المحلية وإعداد مشروعات أنظمة ولوائح، لكنهم في القانون الرياضي (محليون)، ومحليون فقط.