خالد بن حمد المالك
لا أحسبني في حاجة إلى التذكير بما للملك سلمان من اهتمام بالثقافة ومتابعة لوسائل الإعلام ودعم غير محدود للإعلاميين والمثقفين، لكون كل شرائح المجتمع من مواطنين وعرب يعرفون ما أعرفه عن هذا الاهتمام، وأنه لا تغيب عن ذاكرة أي منهم مواقفه -حفظه الله- وتشجيعه للشأن الثقافي، وحرصه على أن يكون في أحسن حالاته من حيث الجودة والمصداقية ونبل الهدف.
* * *
وحين نجمع معا على أن هذا الملك كان ولا يزال صديقنا والقريب منا، فقد جاء هذا الانطباع لكونه قارئاً نهماً لكل كتاب جديد، ومتابعاً لكل كاتب يلامس بكتاباته الذائقة الفنية والعلمية لدى سلمان بن عبدالعزيز، بل ولأنه الصوت القوي منذ كان أميراً للرياض في الدفاع وتلمس الأعذار عند حدوث أي خطأ اجتهادي غير مقصود يصدر عن مثقف أو إعلامي أوكاتب من هذه البلاد.
* * *
ودليلي على ذلك موقفه من الطلب الذي كان صدر عن مسؤول حكومي كبير متضمناً اقتراحه لمقام خادم الحرمين الشريفين بإيقاف نقد الكتاب للمؤسسات الحكومية، حيث كان رده بأن أي نقد حين يكون وجيهاً وصادقاً ومعتمداً على الوثائق والحقائق، فعلى المسؤول أن يأخذ به، فإن كان الأمر غير ذلك، فهذه فرصة للمسؤول لإيضاح الحقائق بنشر ما لديه بنفس الصحيفة وفي المكان الذي نشر فيه ما هو مثار تباين في وجهات النظر بين المسؤول والكاتب.
* * *
الملك سلمان لا يشجع بهذا الموقف الكاتب على تجاوز رسالته بما يتعارض مع أهدافها، لكنه يتفهم الفرق بين خطأ متعمد ومقصود وخطأ حدث بسبب اجتهاد لم يوفق كاتبه في تبنيه، ولهذا فسلمان يملك أسلوباً لا يجيده غيره في طريقة المعالجة ضمن رؤيته في عدم توسيع شقة الخلاف بين الكاتب أو الصحيفة وبين من يكون هدفاً لانتقاداتهم، وبهذا وجد فيه الإعلاميون والمثقفون والكتاب الأب الحنون الذي يحمل نفساً من العاطفة بإنسانيته وحبه لهؤلاء الأصدقاء المخلصين من المثقفين والإعلاميين والكتاب.
* * *
في لقائه أمس بالمثقفين والإعلاميين والكتاب، كانت كلماته، صوته، ونظراته التي عمل بها مسحاً للتعرف على كل الحضور، تعني جميعها فيما تعنيه اهتمامه الكبير بمن تشرفوا بلقائه، ليضيف إلى ذلك كلماته ومداعباته عند تقدمهم للسلام عليه، وكان حاضراً في ذاكرته ومشاعره ولطفه، بما أكد للجميع أنهم أمام قامة تعرف قيمة الكلمة ومهابتها وما يمكن أن تقدمه من خدمة للوطن والمواطن، وهو ما ترجمه في خطابه حين قال: (رحم الله من أهدى إليّ عيوبي، التلفون مفتوح والأذن مفتوحة والمجالس مفتوحة، وأرحب بكم وأحييكم وأراكم دائماً إن شاء الله).