فهد الحوشاني
يسارع الكثير من المتذمرين إلى القول بأن وسائل التكنولوجيا بإبهارها وسهولة استخدامها المتعدد قد أفقد مسرح الطفل أهميته.. وإنها حلت بديلا عنه، وربما راحوا إلى أبعد من ذلك في القول إن مسرح الطفل قد ولى زمنه! ولعل أولئك أولا لم يشاهدوا كيف يحضر الأطفال إلى المسرح وبأيديهم (الايبادات)
وغيرها ثم يضعونها جانبا لأنه لأمتعة يمكن أن تِحل محل متعة مسرح الطفل للطفل.
فهي تمنحه ميزة لا تحققها الأجهزة التكنولوجية بفرديتها التي تكرس الوحدة فتحيله إلى مواطن في عالم غير واقعي! وتفقده التواصل مع من حوله عندما يندمج مع ألعابه التي تشد له أعصابه وتسبب له التوتر السلبي، لكن مسرح الطفل يمنح الطفل متعة الفرح الجماعي والمشاركة مع أقرانه الأطفال والتي هي مطلب مهم في زمن يشتكي فيه الأطفال من تقلص علاقاتهم وقلة صداقاتهم.
لذلك فمشاهدة مسرحية أطفال تحترم فيه إنسانيته وعقله الناقد الواعي، هي وقت جميل مستقطع يحي في نفس الطفل روح الجماعة والتفاعل الجماعي بما يصدر منهم من تفاعل وتعليقات وضحكات، وهذا هو السحر الأزلي الذي يملكه المسرح. والنقطة الثانية أن المسرح يمكن استخدامه كمعلم مساعد للأطفال في كيفية الاستفادة الحقيقة من التكنولوجيا بتعليمهم فوائدها ومضارها ومتى وأين يمكن استخدامها وللمسرح وأبطاله في العروض المسرحية الجادة كلمة مسموعة لدى الأطفال لا يمكن إغفالها.وإذا كانت التكنولوجيا تحاول نزع الطفل وسلخه من قيمه وتنزع عنه ثوب الهوية في (بعض) ما تقدم وبخاصة الألعاب العنيفة التي أصبح لاعبوها عبر القارات، فإن المسرح الذي يقوم عليه أشخاص يملكون الوعي والتجربة قادر على تشكيل هوية الطفل وتعريفه على قيمه وثقافته. ولو قفزت التكنولوجيا من أيدي الأطفال إلى خشبة المسرح وقد سبق لها أن فعلت ذلك منذ أن ظهرت السينما والتلفزيون فإنه ستظل ضيفا على الخشبة وعاملا مساعدا لكن ستبقى للكلمة والديكور والأغاني والملابس والاستعراضات والخيال سحره الذي لن ينافس المسرح عليه أية وسيلة أخرى، أبو الفنون يتسضيف كثير من الفنون لكنه يبقى صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، وله وبه فقط تتجلى متعة المشهد البصري الساحر والذي لن يغلبه في ملعبه كل وسائل التكنولوجيا الحديثة.