م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
«يعمل كل الوزراء في بيئة هادئة تمكنهم من التحليل والتشخيص ووضع الخطط والبرامج وتطبيقها دون ضغوط «شعبية».. ينطبق هذا الكلام على جميع الوزراء لدينا سوى وزير الإسكان الحالي الذي يتعاطى مع قضية ملتهبة تفاقمت خلال الثمانية سنوات الماضية.. وتشهد اليوم تداولاً عنيفاً بين فريقين من النخب الإعلامية المؤثرة ومؤيديهم والنخب العقارية والاقتصادية ومؤيديهم من ناحية أخرى.
«هذا التداول العنيف الذي يفتقد للمرجعيات العلمية نظراً لحجم المشكلة وأسبابها الحقيقية وتشعباتها.. والذي يفتقد بذات الوقت لمبادئ الحوار وآدابه جعل الوزير يقف على صفيح ساخن قد يفقده التركيز.. وقد يدفع به لتجنب الحلول العملية العلمية غير الشعبية متوسطة وطويلة الأجل ذات الأثر الإيجابي على القطاع الإسكاني والاقتصاد الكلي وقضاياه ليتجنب الضغط الشعبي الذي تغلب عليه العاطفة بشكل واضح.. ومما زاد الأمر التهاباً تحت أقدام الوزير طبيعة عمله السابق في القطاع العقاري رغم محاسن ذلك من وجهة نظر الكثيرين لكونه أصبح مُلماً بتفاصيل القطاع والمشكلة الإسكانية.
«وزارة الإسكان لها اليوم أكثر من ألف وزير!.. فكلما طالعت صحيفة أو تويتر أو شاهدت أو استمعت لبرنامج حواري وجدت الجميع وبكل ثقة يطرحون حلولاً علاجية ويطالبون بالاستفادة منها وسرعة تطبيقها.. ومن المحزن أن الحلول المقترحة قد تؤدي من حيث لا يدري أصحابها إلى تدمير القطاع العقاري ودفعه للهاوية.. ولذلك ما إن التقى الوزير بالمطورين ليكونوا جزءاً من الحل
- وكلنا يعلم أنه لا استثمار دون سوق مربح واعد -حتى انطلقت الاتهامات بأن الوزير يريد أن ينتفع المطورون على حساب المواطن.. رغم أن المنطق يقول إن السوق أياً كانت تتكون من منتجين يربحون ومستفيدين يتمكنون من الحصول على منتج جيد بأسعار معقولة ويجدون التمويل اللازم لشرائه.
«القضية الإسكانية ليست مشكلة عابرة بل هي قضية اقتصادية مستمرة والتعاطي معها يتطلب رؤية استراتيجية طويلة المدى في إطار تحقيق التنمية المستدامة المستهدفة.. لذلك فإنني أرجو من الجميع أن يتركوا الوزير يعمل بهدوء فنحن لن نحتمل ضياع سنوات إضافية في حلول انطباعية.
«ختاماً كلي ثقة بأن الوزير الشاب سيعتمد على المنطق الاقتصادي لحل هذه المشكلة بالاستناد إلى الدراسات الدقيقة الحديثة لحجم المشكلة وفق معطيات بلادنا.. وأن يتحرك في كافة مسارات الحل الاستراتيجي وألا يلتفت لما هو غير منطقي وإن كان شعبياً جارفاً.