د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
تحت فيض «جريدة الجزيرة» تربّعت مناقبُ شخوص مثلى في رجل واحد، واستبقت «الجزيرة» أيضاً بين يديه الخيرات ؛ ذلكم هو سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك، الذي تشرّفت جائزة البحر الأبيض المتوسط العالمية للإعلام 2015 بمنحها لسعادته في مقرِّ الجائزة في إيطاليا.
ولا في الناس ما رُمتَ المعالي
بلى جاءتك طائعة دواما
ولقد استحقّ الأستاذ خالد المالك الجائزة والنتيجة والسَّبق، فقد كان صانع توجه في الصحافة، ومهندس نجاح، ومشعل دروب، وقائداً إدارياً يحسن باقتدار صياغة المسارات الخصبة، وبناء محطات الانتقال الزاخرة بالتمكين والمكانة، أجاد صناعة القلم الذي يقرّر علاقة «الجزيرة» مع محيطها، ودأب على تمتين مقوّمات تلك العلاقة، وأبدع في صياغة استراتيجية نهوض الأقلام من دوائر الذاتية إلى جلب الآخر وجذبه، ونجح باقتدار أن يجعل الفكر الإعلامي في «الجزيرة» في حالة دائمة من التحفيز، كما استطاع بحرفنة عالية، أن يزرع الثقة بمتانة الأرض تحت الخطوات القادمة، وجعل أستاذنا «المالك» بساط الجزيرة يعبق من مسافات بعيدة، فانجذب المجتمع إليها يسكن إلى اعتدالها، ويمتح من حدبها على واقعهم، حتى ينهض من كبوته ويشرق محفزاً، كما أنها تصدح في الوقت نفسه بالمنجز المجتمعي النامي؛ وتشيد بدعائمه وأوتاده، فنافس حضور «الجزيرة» في مسار الخدمة الاجتماعية قنوات اختصاصها، ودفع المثقف خالد المالك بالجزيرة، إلى حواضر المشاركة في البحوث والدراسات التي تهم الواقع الثقافي، فتربّع اسم «الجزيرة» على الكراسي البحثية، وكان سعادته متابعاً نهماً للحراك في تلك الكراسي، وليس خافياً أنّ حصافة الرجل جعلته يرسم منهجاً فريداً لترسيخ تقاليد العمل في الصحافة الورقية، حين أنجزت «الجزيرة» عدداً من المؤلَّفات عن بعض النماذج المضيئة من رموز بلادنا السياسية والثقافية، وكان خالد المالك في خطواته تلك، يعلن للعالم أنه يسقي في «الجزيرة « غراس وجود باذخ للفكر الصحفي المعتدل الجدير بالاحتذاء، حيث معه وله بدت صفحات الجزيرة مجلوّة تُعانق في كل محفل توقها الأبدي للتفرُّد والتميُّز، وكان «المالك» ماهراً في استجلاء المعدن النفيس:
صحيفة الفكر أربت في معالمها
تُسقي ثقافتنا من بارد شَبِم
واستطاعت الجزيرة مع خالد المالك، أن تفتح بوابات المعرفة على مصراعيها وفي أوج تألُّقها، عندما شكّل من الجزيرة وأقلامها جامعة لصنع الخبر المتفرِّد، وطرح الرؤى الواعية وجزالة الطرح وسموق اللغة، وكان صوت الجزيرة من دعائم الوطن، ومنابر الدفاع عن توجُّهاته، وعكست نبض الوطن أمام العالم، وبسطت في منهجية التسامح مع الآخر، ورصدت صوره كمنطلق رئيس لرسم صورة بلادنا أمام العالم، ولا غرو فإنّ خالد المالك حين يتدفّق قلمه العميق الأنيق حول الوطن، فإننا أمام مراسم وجدان مكتوبة تأسرنا وراء ها وطنية أخّاذة تشرق في بياض الورق إضاءات جذلى.
ويحدوني الموقف والحدث أنّ أقول: إنّ أرواح الأقلام الأنيقة تجمّعت في عقل خالد المالك ، فغطّت فضاءات الأرض، إلى أن أصبحت لجوائز البحار هدفاً؛ فكانت الجائزة تكريماً أيضاً للصحافة السعودية، وإشادة عالمية بأثرها وتأثيرها في الشئون التنموية كافة وفي مسارات الحياة أيضاً.
بوحٌ لجريدة الجزيرة .. يقول عبد الله بن خميس - رحمه الله -:
إني لأدعو في «الجزيرة» فتية
هم أهلها وحماتها ورعاتها
صونوا لذات الكبرياء جلالها
ولتبق في ذات السمو سماتها
لي عندها عهد وعندي مثله
مُذ فتّقت ورق الحياة نواتها
ثمرات ما تبني الرجال وإنه
لأعز مفخرة الشعوب بُناتها