فهد بن جليد
كان جارنا أبو محمد، يمدُ رجليه لنقوم نحن الصغار بالوقوف على قدمه، ربما يجد أن هذا يُزيل عنه شيئًا من تعب ونصب ذلك العصر، في بعض الأحيان كان ينام على بطنه، لنتسابق كمجموعة من الأطفال من أجل (ترصِيّع ظهره) أي الوقوف والنزول من على ظهره، وهو يصرخ (آآآيييي.، يمين يا عيال.. آآآخخخخ.. في النص الله يصلحكم)، وربما سمعنا بعد ذلك (شخيره)، لنذهب ونكمل لعبنا ولهونا هكذا هي بساطة الحياة، فيما بعد عرفت أننا كنا نقدم خدمات (مساج الطيبين) لجارنا -رحمه الله-!.
من طقوس السفر والسياحة عند بعض أصدقائي (المطاوعة) نفع الله بهم، هي زيارة مراكز المساج في الخارج، على اعتبار أن السفر بالطائرة لساعتين أو ثلاث يوازي خوض الوغى في موقعة (داحس والغبراء)، هي ثقافة لا نريد الاعتراف بها، ونخجل من الحديث عنها، بالرغم من أن معظم زبائن هذه المراكز من السياح السعوديين!.
كتبت هنا أكثر من مرة، مطالبًا بتفسير لانتشار مراكز المساج في شوارعنا بشكل كبير - دون حسيب أو رقيب - مع غياب أي دراسة لمدى حاجتنا لهذا الكم الهائل من المراكز؟ وما هي الخدمات التي تقدمها، إذا ما علمنا أن معظم مرتاديها من الشباب وصغار السن؟!..
رئيسة لجنة مراكز التزيين النسائي في غرفة جدة، أكَّدت - أمس الأول - أن حجم الخسائر المادية لقطاع التزيين النسائية بعد منع تقديم خدمات (الحمام المغربي والمساج) في المشاغل النسائية بلغت 70 في المائة، مُبينة بأن المنع فتح المجال أمام بعض العمالة النسائية المخالفة، لعرض تقديم هذه الخدمات في المنازل بعيدًا عن الرقابة!.
ظهر المساج في مجتمعنا في الفنادق والمراكز الطبية أولاً، ثم انتقل إلى النوادي الرياضية التجارية، وبعض صوالين الحلاقة، وبعدها استقل كخدمة خاصة تنفرد بها بعض المراكز، ثم انتشر لينافس المطاعم في الشوارع والأحياء؟!.
المُزعج هو أن وزارة الصحة لا علاقة لها بهذا الموضوع، الذي يعتبر صحيًا، مع ضعف دور رقابة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالمسؤولية غالبًا تقع على البلدية التي تطبق شروط افتتاح مركز مساج، مثلما تطبق شروط افتتاح مركز صيانة سباكة وكهرباء!.
أشكال من يقدمون هذه الخدمات، ونظافة غرف المساج، ونوعيات الزيت والكريمات المستخدمة، إضافة لبعض الممارسات الشاذة، كلها عوامل تتطلب إعادة النظر في ثقافة المساج لدينا؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.