يوسف المحيميد
كثيرٌ من مختصي النفط وخبرائه يتوقّعون تحسّن الأسعار في العام المقبل 2016 لأسباب عديدة، أبرزها انخفاض الاستثمارات البترولية في مناطق مختلفة من العالم، خاصة المناطق المنتجة ذات التكلفة العالية، مما يعني انخفاض العرض مقابل الطلب المتنامي، حتى وإن كان معدل نمو الطلب في الصين يعد منخفضاً قياساً بفترات سابقة، إلا أن الطلب العالمي على البترول بشكل عام ينمو سنوياً بنحو مليون برميل يومياً، يتوقّع أن يصل إلى مليون ونصف هذا العام والعام القادم، في مقابل الانخفاض الطبيعي في حقول الإنتاج القديمة، الأمر الذي جعل إنتاج النفط الصخري الأمريكي يسهم في مواجهة الطلب المتنامي خلال الأعوام القليلة الماضية.
لكن الأمر اختلف خلال هذا العام، فمع انخفاض الأسعار إلى حد أن أصبحت أقل من كلفة إنتاج النفط الصخري، بدأ هذا الإنتاج بالتراجع، حيث يشير تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن تراجع وتيرة إنتاج النفط الصخري سيتجاوز مئة ألف برميل يومياً خلال ديسمبر القادم، بالذات حقل «إيجل فورد» الذي سيشهد وحده انخفاضاً يقدَّر بنحو 78 ألف برميل يومياً، إضافة إلى تأكيدات الشركات العاملة في قطاع النفط بخفض استثماراتها في خططها السنوية الجديدة، مما يشير إلى أن العام القادم سيشهد انخفاضاً واضحاً ومؤثراً في الإنتاج العالمي، الذي سيؤدي إلى انتهاء هذه الدورة من تدني الأسعار، وارتفاع المؤشر بشكل تدريجي إلى مستويات جيدة، قد تصل سقف السبعين دولاراً في النصف الثاني من العام القادم.
ولا يختلف اثنان على أن السوق البترولية العالمية لا يحكمها ميزان العرض والطلب فحسب، رغم أهميته الكبيرة والمؤثّرة، وإنما تتحكم التصريحات السلبية والشائعات أحياناً في سيكولوجية السوق، مما يقود الأسعار إلى مزيد من الانخفاض، فحينما يتم تداول تصريحات هنا وهناك، وعلى نطاق واسع، بأن دول منظمة الأوبك، والدول المنتجة الرئيسة من خارجها، لن تخفض إنتاجها، وفي المقابل يتم التحفظ وإخفاء معلومات مهمة ومؤثّرة على السوق، كانخفاض أو إلغاء الاستثمارات في القطاع البترولي بشكل عام، أو انخفاض الإنتاج من المناطق ذات التكلفة العالية، كالنفط الصخري، والنفط في أعماق البحار، فإن ذلك حتماً سيتحكم في سيكولوجية السوق، وينعكس على الأسعار بشكل سلبي، وبطريقة غير واقعية، وغير صادقة!
يكاد معظم المختصين بالشأن البترولي، وبناءً على مؤشرات وأرقام وخطط الشركات البترولية للعام القادم، يتفقون على أن هذه الدورة من انخفاض الأسعار تكاد تنتهي مع نهاية هذا العام، وسيعود المؤشر بشكل تدريجي إلى الارتفاع من جديد، فضلاً عن أن المؤشر قد يرتفع بشكل أكبر وغير متوقّع في حالات أخرى، سياسية أو طبيعية، قد تحدث وتسبب توقف الإمدادات من بعض الدول المنتجة.