فهد بن جليد
برأيي، إن الإحصاءات القيِّمة والشفافة التي كشفتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمس الأول حول قضية الابتزاز في المجتمع يجب أن يُستفاد منها لسبر أغوار المُشكلة، والبحث عن الحلول التي تساعد على العلاج؟!
أولاً، يجب أن نشكر الهيئة ورئيسها على طرح الموضوع بطريقة مُنظمة، وفق إحصاءات واضحة، ذات دلالة مُحددة، وهو ما يدل على مدى الدقة في الرصد والتحليل لقضايا الابتزاز، التي تفردت الهيئة بجهود كبيرة للتصدي لها عبر التعامل مُباشرة، بشكل احترافي وسري مع المُتضرر، الذي عادة ما يكون (فتاة، أو امرأة متزوجة، أو رجلاً)؛ ما يعني أن لا خيار غير السرية في التعاطي مع الموقف لمنع المُبتز من الاستمرار في هذا السلوك المشين. وهنا يكمن تفسير الثقة التي نجحت الهيئة في بنائها مع (الضحايا)، الذين قد لا يتوافق بعضهم مع توجه الهيئة، ودورها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكنهم في نهاية المطاف، ومن خلال (التجربة المريرة) التي خاضوها، آمنوا بضرورة وأهمية وجود الهيئة، بوصفها جهازاً حكومياً فاعلاً، له دور حيوي.
نعود لبعض الأرقام التي كشفها الشيخ عبدالرحمن السند. فإذا كان 20 % من المُبتزين متزوجين ففي هذا دلالة أكيدة على أن الابتزاز (مرض نفسي) قبل أن يكون خُلقياً. وبدأتُ بهذه النسبة قبل العزاب الذين يشكلون 76 % من المبتزين؛ لأن الزواج والسكينة يُنتظر منهما تغيُّر فكر الإنسان عما كان عليه في مرحلة المُراهقة، نحو بناء أسرة، تلبي حاجاته النفسية والعاطفية والجنسية.. ولكن المشكلة تبقى مُستمرة. وبحسبة بسيطة نجد أننا لو نجحنا في تزويج العزاب من نسبة الـ76 % من المبتزين فإننا سنقضي على 60 % من حالات الابتزاز التي تورطوا بها اليوم، على اعتبار أن الـ20 % من المتزوجين منهم ربما تستمر معهم المشكلة حتى بعد الزواج.
هذه من المرات القلائل التي يتم فيها التلويح بعقوبات مُطبقة بحق المُبتزين، ومقارنتها بالعقوبات الدولية. وبرأيي، فإنه يلزمنا توعية الشباب بالعقوبات الرادعة من هذا النوع لمنع انزلاقهم في هذا المنزلق الجنائي!
وهنا يكمن دور قادة الرأي في الجامعات والمدارس لتوعية النشء من التورط، وتحذيرهم من العقوبة.. والأهم من هذا وذاك هو تذكيرهم بأن (الخلاص في المواجهة). فالمُبتز ضعيف عند الاستعانة بجهاز الهيئة الفاعل، الذي سيُنهي المشكلة، ويضمن الخصوصية والسرية، وهو ما تفردت به الهيئة في الحالات السابقة!
وعلى دروب الخير نلتقي.