علي عبدالله المفضي
نصادف في حياتنا اليومية نماذج مختلفة من الناس في التناول والتعامل فمن المتحدثين من نتمنى لو أنه أطال في حديثه لجمال عباراته وأسلوبه وترتيب أفكاره وطريقة طرحه لموضوعه, حيث يضع كل فكرة وكل كلمة وكل استشهاد في أماكنها الصحيحة دون إخلال بالمعنى الذي يريد إيصاله إلينا.
وكلما كان الكلام مختصرا كان أحرى بالتأثير على سامعه وأكثر وقعا في نفسه ولو نظرنا إلى الشعر مثلا لوجدنا أن بيتاً كبيت حسان بن ثابت رضي الله عنه حين قال:
وان اصدق بيت انت قائله
بيتا يقال اذا انشدته صدقا
قد اختصر الكثير من الشرح الذي لو قيل نثرا لأخذ من الصفحات اكثر مما نتصور لذا كان تأثير الشعر وسهولة حفظه أيسر على الناس من الكلام المنثور، ويأتي بعد الشعر المثل وفنون صياغته, حيث يختزل الكثير من المعاني في جملٍ قصيرة.
وحين نطالب شعراءنا وكتابنا الكرام الذين يتعاملون معنا لأول مرة بالاختصار فإننا نحافظ على التوازن في الطرح والبعد عن الاطناب الممل والإيجاز المُخل ونتمنى منهم مساعدتنا على ذلك ليستمتع القارئ الكريم بما نطرح دون إهدار لوقته الثمين الذي لم يعد بذلك الاتساع نظراً لكثرة مشاغله وتعدد وسائل متعته التي نتمنى أن نبقى أحدها بقدر ما نستطيع.
إضاءة
كان من الأجدر أن استهل حديثي عن الإعجاز في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ولكنني أدرك أن علمي أقل من الإحاطة بموضوع عظيم له أهله وأساتذته فرحم الله امرئ عرف قدر نفسه.
وقفة يقول المتنبي:
ولم ار في عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام