يوسف المحيميد
بعيداً عن اختلافات أعضاء مجلس الشورى، وانقسامهم حول الأراضي التي يجب تطبيق الرسوم عليها، سواء مطورة أم أراضي خام، وبعيدا عن نسبة احتساب الرسوم ومقدارها، وبعيداً عن الاتفاق على عدم استثناء أي أراض من هذه الرسوم، فإن مجرد الموافقة على إيجاد نظام رسوم الأراضي البيضاء، يعد محاولة جيدة لتوازن سوق العقار، بزيادة العرض من الأراضي السكنية والتجارية عن الطلب المتنامي عليها، والبحث عن مسكن العمر. خاصة بعد أن وصلت نسبة تكلفة الأرض بالنسية للعقار، ما يقارب خمسين بالمائة، وهو رقم غير طبيعي، إذا كان المعروف ألا تزيد تكلفة الأرض عن ثلاثين بالمائة من قيمة العقار.
صحيح أن فرض الرسوم على الأراضي المطورة، الجاهزة فعلا للبناء، أمراً متوقعاً، لأن من غير المعقول أن يحتكر العقاري مئات الآلاف من الأمتار، لعشرات السنوات، ليحرم ملايين المواطنين الحالمين من امتلاك الأرض وبناء بيت العمر عليها، دون أن يتحمل أي تكاليف، بمنطق يعرفه قدماء العقاريين: «الأرض ما تأكل ولا تشرب»، ولكن في المقابل من غير المنطقي تجاهل ملايين الأمتار من الأراضي السوداء، أو الأراضي الخام، الواقعة داخل النطاق العمراني، فهي التي تشوه المدينة بفراغها، من غير استغلالها بإنشاء مساكن، أو مشروعات، أو مرافق عامة يستفيد منها المواطن!
فمن باب أولى، أن يتم فرض رسوم على الأراضي الخام، التي لم يتم تطويرها، ولم تستثمرها الدولة في إقامة مشروعات مفيدة.
كما أن موعد إنجاز النظام ومراجعته وإقراره، وبداية التطبيق الفعلي، قد تستغرق سنوات طويلة، لا تقل عن خمس سنوات، فهل هناك دراسات عن مستقبل العقار في المملكة؟ وهل ستؤثر هذه الرسوم عند فرصها على سعر الأراضي بالانخفاض، والوصول إلى أسعار عادلة ومقبولة؟ أم أن كبار العقاريين يَرَوْن المشهد من زواية أخرى، بأن تتم إضافة مبلغ الرسوم على قيمة الأرض، ويتحمل المشتري أسعاراً جديدة وعالية، فيضطرب توازن السوق أكثر، بدلاً من توازنه المأمول؟
قد يرى البعض أن العقاريين سيجدون عديداً من الحيل والأفكار، من أجل تحميل رسوم الأراضي على المواطن، تماماً كما يحمل المطورون العقاريون كامل قيمة تطوير المخططات من سفلتة وأرصفة وإنارة وغيرها، على المواطن المشتري.
هل يُفترض دخول كبار العقاريين ضمن لجان دراسة هذه الرسوم والمشاركة في وضع النظام، لأنهم الأكثر وعياً بذلك؟ أم أن دخولهم كمستثمرين ومستفيدين من ارتفاع أسعار يجعل النظام غير عادل وفاعل؟
هي أسئلة تحتاج إلى إجابات.