حمّاد السالمي
* حدثتكم في مقالي ليوم الأحد الفارط عن (الطائف المأنوس).. المدينة والمحافظة التي يحبها ويغار عليها أهلها وكل من عرفها وسكنها أو حتى مرّ بها. حدثتكم حديث المحب الذي لم يعد بوسعه السكوت على ما يتهددها من مظاهر سلوكية لم تعرفها في تاريخها،
وكنت وما زلت أدعو إلى وضع كل هذا تحت مشرحة البحث والدراسة، بهدف الوصول إلى حلول ناجعة تحفظ على الطائف سمعتها التاريخية والسياحية والإنسانية التي عرفت بها منذ تاريخها الأول، والبدء بوضع حد لانتهاكات أنظمة المرور في الشوارع والميادين، والتفكير جدياً في تحويلها إلى (منطقة إدارية)، تحظى بمزيد العناية والاهتمام التي هي عليها من حكومتنا الرشيدة، وهي جديرة بهذا لحيثيات ضمنتها صلب المقال. رابط المقال (http://www.al-jazirah.com/2015/20151115/ar3.htm).
«المقال حظي باهتمام واسع من كُتّاب ومثقفين وأكاديميين وإعلاميين. التعليقات الكثيرة التي ظهرت في موقع (الجزيرة)، وفي حساب (عشاق الطائف على الفيس بوك والتويتر)، وكذلك على حسابي في (الفيس بوك والتويتر)، وفي مجموعتي: (منتدى السالمي الثقافي) و(أقلام) على (الواتس أب)، إلى جانب صحف ومواقع إلكترونية تناولته في حينه، أثبتت غيرة عالية على عروس المصائف، وأبرزت طروحات مهمة، وأفرزت معالجات أكثر أهمية لما تناوله المقال؛ حول سلوكيات المراهقين والشباب، الذين يسيئون لأنفسهم ولمدينتهم ومحافظتهم. فماذا قال هؤلاء الرائعون في مقالات عديدة على مقال واحد..؟
« المقالات بالعشرات، وكُتّابها بالعشرات، وليس بوسعي عرض كل ما قيل، ولا حتى سرد أسماء الكُتاب. ليعذرني هؤلاء الأصدقاء العاشقون للطائف المأنوس والمأمون. سوف أعرض لموجز سريع لما دار، لعل في هذا إفادة لصاحب القرار، ولنا نحن أبناء الطائف قاطبة.
* من أين أبدأ كلامي اليوم..؟
* اخترت ما أورده طائفي محب للطائف في تعليقه في (أقلام). قال: بأنه شاهد مخطوطاً على أحد جدران الدور بحي سكني بالطائف هذه العبارة الصارخة. العبارة تقول: (إذا فشلت أحلامك؛ فلتبدأ أفلامك)..! وهي تحمل دلالة واضحة على نفس محبطة عند كاتبها، الذي هو ولا شك من بين شباب الطائف، الذين نقف حائرين إزاء تصرفاتهم الرعناء داخل مدينتهم، ونعاني من نتائج الفوضى التي يحدثونها، والجرائم التي يرتكبونها لأتفه الأسباب.
* لعل في الدلالة التي تشكلها هذه العبارة، بوابة تفتح على صفحة جديدة من المعالجات الحقيقية لهذا المشكل، الذي يشترك في مسئوليته المسئول والمواطن على حد سواء.
* يرى بعض الكُتّاب في تعليقاتهم؛ أن من أسباب الفوضى والعنف في (الطائف المأنوس)؛ المشاهدات اليومية لمناظر عنف عالمية دموية عن طريق تقنيات الإعلام الجديد، ويرى آخر؛ أن أحياء الطائف تحولت إلى محطات عبور من الطائف إلى مدن كبرى، قوامها سكان جُدد يعكسون في حياتهم اليومية حالات تشنج فئوية؛ ما لبثت أن امتدت إلى المؤسسات العامة، فأصبح عرف الفئة مقدماً على قانون الدولة. يضاف إلى هذا؛ حالتهم الاجتماعية التي أتوا بها من مواطنهم الأولى، والتي يعيشونها بعدم رضى غالباً في مجتمعهم الجديد.
* وفي الوقت الذي يرجع فيه كاتب آخر الأسباب إلى تغيرات (ديمغرافية) حادة؛ بخروج معظم سكان الطائف الأوائل منه، نتيجة الهدميات والتوسع، والهجرة المكثفة إليه من الهجر والبوادي والقرى، أحدث هزة في التركيبة الاجتماعية، فالساكن الجديد لم يستطع اكتساب سمات أهل المدينة، وهو الذي فقد على صغر بعض قيم وسمات قريته وباديته، يضاف إلى هذا ضعف دور التعليم والمنزل، ووهن إداري واضح.
* أسباب كثيرة تُسرد. حيث يرى الكثير من الكُتّاب المعلقين على مقال (طائفي المأنوس)؛ أنها تقف وراء معضلة فوضى السير، وانتهاك الأنظمة، وحمل الأسلحة البيضاء وغيرها بالسيارات، وكثرة الصدامات والنزاعات التي تنتهي بالطعن والقتل، إلى غير ذلك مما لم يعد بوسع أحد تغطيته والتستر عليه، فما هي الحلول إذن..؟
* مرة أخرى؛ يرى أكثر من كاتب ومعلق على المقال؛ ضرورة تفعيل الدور الأمني والمروري بشكل خاص، وتشغيل ساهر بصورة عاجلة، وملاحقة كل من يثير الفوضى أو ينتهك الأنظمة، وتشديد العقوبة عليه، ثم التفكير في رفع محافظة الطائف إلى (منطقة إدارية).
* يطرح آخرون جملة من الأفكار الجيدة للعلاج ومنها: عقد لقاء موسع يضم كافة المعنيين ليومين أو ثلاثة، لمناقشة المتغير الاجتماعي والثقافي والأخلاقي والاقتصادي، الذي طرأ على الطائف في العقود الثلاثة الأخيرة، وأن تشترك في هذه النقاشات؛ كافة الأطر القبلية والأسرية والتعليمية والأمنية والدينية، وأن يُستعان بمراكز أبحاث متخصصة لها سابق معرفة بهذه الدراسات (الديمغرافية)، وأن يجري العمل على تفعيل أدوار محاضن النشأة والفكر والروح والإعلام. أسرية وثقافية ودينية وإعلامية. وأضيف أنا: أنه من الضروري جداً إشراك فئة الشباب في هذه النقاشات المطلوبة.
* شكراً لهذه الأفكار البناءة، وهيا ننطلق للمعالجة والبحث عن حلول ناجعة مطلوبة اليوم قبل الغد، ولنتذكر جيدًا؛ أن حالات الفوضى التي نراها في شوارع الطائف، وما يصاحب كل هذا من تشاجر وخصومات وطعن بالسكاكين وخلافه، يأتي من خلف هذه الجدارية التي تمد إلينا لسانها صباح مساء وتقول: (إذا فشلت أحلامك؛ فلتبدأ أفلامك)..!
* الأفلام بدأت، وها نحن نعيش أحداثها. تعالوا نبحث في الأحلام التي لم تتحقق.