سلطان المهوس
في شهر سبتمبر الماضي حمل الأمين العام لاتحاد الكرة الصديق أحمد الخميس شنطته، وطار لمقابلة الأمين العام للاتحاد الآسيوي داتو ويندسور، وخرج بحصيلة جيدة من الثمار لمصلحة الأندية السعودية بسبب تحضيره الجيد وطلباته المنطقية.
كيف ذلك؟
طلب أحمد الخميس أن يكون وصول أي حكم (شرق آسيوي أو أسترالي) لمباريات الأندية داخل السعودية قبل المباراة بيومين ضماناً لراحته بعد مشوار سفر مرهق، وتغيير حتمي بساعته البيولوجية ونظامه اليومي!
قد يرى البعض أن الأمر مستغرب، لكنه منطقي؛ فالمؤشرات (إن لم تثبت خيانة الحكم المادية بالأدلة) تؤكد أن أخطاء الحكام غالباً تقع بسبب تركيزهم السلبي، وشرودهم، وتوهان التحكم القيادي لديهم.. والأكيد أن عدم الراحة سبب رئيسي لذلك..!!
طبعاً، هناك أسباب كثيرة تتعلق بالصحة والغذاء والنوم والعادات والجدية.. لكن من المهم أن ينعم الحكم براحة قبل أي لقاء.
دعونا ننظر لحال حكامنا هنا بعد كوارث حقيقية، لا تقبل التبرير، أو حتى المناقشة. فحكم دولي يرى بوضوح أن الكرة تضرب بوجه لاعب ثم يحتسبها ضربة جزاء لا يمكن أن نقف لنتفرج على كوارثه أبداً أبداً..!!
ملاحظة: نادراً ما أتحدث عن التحكيم؛ لأني مؤمن بأن الأخطاء جزء من اللعبة، وأن الهزائم لا تتحملها الأخطاء التحكيمية فقط.
الحكام السعوديون مثلهم مثل الأجانب، يعملون بمهن متعددة، منهم موظفون وعسكريون وبقطاعات خاصة وأصحاب محال أو مؤسسات خاصة..
إذاً، لا دخل للاحترافية التي ينادي بها البعض لتطوير مستوياتهم؛ فليس هناك حكم محترف (تماماً) في العالم، وإلا سيموت جوعاً..!!
مشكلة الحكام السعوديين عدم الجدية، والتهاون في صناعة أنفسهم والحفاظ على أنظمتهم الغذائية والعادات الإيجابية وعدم السهر وترك «معسلات» آخر الليل..!!
لقد صعقت عندما شاهدت هذا الموسم أوزان بعض الحكام..!!
يا ساتر، بعضهم لا يستطيع الجري بسهولة أبداً..!!
هل نطلب من عمر المهنا أن يأتي ليقول له: «خفف وزنك يا حكم..»!!
غالب الحكام هنا لا يهتمون بأنفسهم، وهم يدركون أنني صادق بما أكتب..!!
يسرفون بشرب الشيشة والدخان والسهر حتى ليلة المباراة التي يتم تكليفهم بقيادتها..!!
حتى داخل مجموعاتهم هم أرواح ممزقة، تنهش داخلها النميمة والتسريبات والغيبة والمؤامرات والحرب..!!
هم يدركون أنهم كذلك..!!
ماذا تتوقع من حكم يصل بسيارته عن طريق البر لمكان المباراة قاطعاً (380كم)، مع أن اللجنة وفرت له تذكرة سفر، لكنه يريد إعادتها للاحتفاظ بقيمتها المالية..!!؟
على الفور سيدمر المباراة هو وطاقمه، وسيتسبب بنزيف للنادي الذي يدفع الملايين للمنافسة؟؟
سؤال:
ما الذي جعل العالمي فهد المرداسي يتألق عالمياً؟؟
لإدراكه التام بأن عليه أن يركز مليوناً في المائة أثناء المباراة، وإلا سيكون خارج قائمة نخبة آسيا؛ ولذلك ينام مبكراً، ويأكل جيداً، ويركز جيداً..
لديه هدف، تتبع خطوات تحقيقه فحققه..!
أغلب حكام كرة القدم بالسعودية لا هدف لهم، وتأتيك الصاعقة عندما تدخل إحدى الاستراحات لتجد حكماً دولياً ممسكاً بـ»لي الشيشة» بإحدى الاستراحات التي تستضيفه ليقود مباراة مهمة في الغد..!!
لقد اقترحتُ على رئيس لجنة الحكام التعامل التقني، ووضع برنامج تقني خاص، يستطيع من خلاله معرفة ما يدور بلجان الحكام بالمناطق..
ليس ذلك كافياً؛ لأن الحكم السعودي يجب أن يدرك أنه لا بد أن يكون مخلصاً حتى لو أخطأ؛ لأن الخطأ مقبول بعد الاجتهاد، أما أن يكون بسبب عدم التركيز والإهمال فهو خيانة للضمير والعمل والمبدأ، وانتصار للي الشيشة والسهر والخذلان..!!
صدقوني..
يستطيعون أن يبرزوا ويصبحوا من أفضل حكام العالم، لكنهم يعانون من عقدة التهميش الداخلية، ويعانون من الجهل الاحترافي، ويعانون من التخلف النفسي التحكيمي..!!
أتحدث عن فئة أخطاؤها لم تعد مقبولة أبداً، فيما الناجحون قُبْلة على رؤوسهم؛ فبالرغم مما يحيط بهم لا يزالون وسماً مميزاً، يعطينا الأمل، فيما الآخرون لا نقول لهم سوى: «الله يهديكم بس.. يا تصلحوا حالكم وتتركوا شغل المراهقين أو ريحونا من بلاويكم واستروا على أنفسكم..»!!
قبل الطبع:
من الصعوبة أن تحرّر السذّج من الأغلال التي يبجّلونها. (فولتير)