سعد السعود
قد تكون كرة القدم وما حولها هم أبلغ من يعبر عن التناقضات وبمئات الحالات.. فرحة حتى آخر الأوقات، تتحول إلى ألم قد يمتد لسنوات.. وغضب من لاعب يضيع أسهل الكرات، نقول فيه لهدف ذهبي بعد ذلك أجمل المعلقات.. ومدرب نال سيلاً من الانتقادات، قد يصبح بسبب تغيير ملك التكتيكات.. وحتى ما يحيط فيها.. فما كان بالأمس محرم المذاق قد يتحول لاختلاف الألوان إلى عسل مصفى طيب المذاق.. هي لحظات.. هي معايير استفادة ومصالح متى ما غادرت سفينتنا لعنا الموج ووصمنا القبطان بالجاهل ولم تسلم منّا حتى الرياح.
لذا فلم ولن أستغرب ما يقوم به إعلام الأهلي من صب الحمم بوجه اتحاد عيد.. وهو من كانوا يصفونه باتحاد النزاهة قبل عام أو يزيد.. فذاك الإعلامي وهو الذي كان يغني فيه مواويل الفرح أمسى ينعته باتحاد وقح.. وآخر كان يحارب معه كل منتقديه حتى يعش أضحى يصفه باتحاد العار الذي لا يهش ولا ينش.. وثالث كان يطوع صحيفته الإلكترونية بالتأليب ضد الشخصيات بمعية الاتحاد غدا اليوم هو من يؤجج الوسط الرياضي ضد الاتحاد ويدعي المظلومية ويطالب بالحياد.
معادلة غريبة تولى كبرها ثلة لا تؤمن بأن للرياضة وجهين إحداهما مفرح والآخر نقيضه.. ومثل هؤلاء إطلاقاً لا تجد للمنطق لديهم موطئ شبر.. ولذا فلا تستغرب لو بلع أحدهم ما قاله في دقائق وطوّع الحرف لما يضلل المشاهد ويحاول إقناعنا بأنها حقائق.. وإلا كيف نقتنع بأن هذا الاتحاد خصماً للأهلي ورئيسه خدم الأخضر لاعباً وإدارياً.. فقط ما تغير وهو سبب كل هذه الجلبة أنه طبق القانون (أخيراً) لذا ثارت ثائرتهم.. هذا هو لب الموضوع وحكايته.
عموماً التركة كبيرة والذاكرة مزدحمة في هذا الاتجاه.. فلم ننس معاقبة الفرق برمي القارورات في حين كان جمهور الأهلي يلوح بالنقود ويرمي بالمقذوفات ومع هذا لم ينله حتى لفت نظر أو حتى إنذار ببضع كلمات.. ولم ننس معاقبة إداريين بسبب إشارات فسرها الاتحاد بأنها إساءة في حين كانت برداً وسلاماً عندما صدرت من مسئول أهلاوي.. ولم ننس مغادرة رئيس الاتحاد البلد ومرافقة الأهلي في النهائي الآسيوي ضد أولسان في حين تعلل بكبر السن عندما تعلق الأمر بالهلال.. ولم ننس عدم معاقبة رابطة الأهلي بعدما شتمت حارس المنتخب وليد عبد الله والحجة أن التصوير لم يكن من الناقل في حين عاقبت لاعبي النصر والهلال بسبب بعض الإساءات في نهائي كأس الملك رغم أن التصوير شخصي.. عذراً سأحتاج ربما لمثل مساحة هذا المقال لأميال ولن أستطيع أن أحيط بكل ما كان يحصل من تجاوزات خضراء كان الاتحاد يغض الطرف عنها.
وحتماً اتحاد كهذا كان يتعامل معك بكل هذه المرونة لم تحتج لأن تنتقده أو تهاجمه.. ولكن عندما طبق قليلاً من النظام وجدنا التجاوزات ضده أكثر من أن تحصى.. يكفي أن نستعيد شيئاً مما قاله مدير المركز الإعلامي للأهلي لنرى كمية الإساءات.. ولنعرج قليلاً على ما قاله عبد الله بترجي نائب الرئيس والتي وصلت حد التدخل بشئون الفرق الأخرى.. ليختم مسئولو الفريق كومة التجاوزات بإصدار بيان فحواه أن إيقاف مدير المركز الإعلامي لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد.. وكأن لسان حالهم للاتحاد: بلوا قراركم واشربوه ! ولا أذكر أي من الفرق الأخرى فعل ولو ربع ما فعله الأهلي من ردة فعل مع أن الكثير من الأندية واجهت أضعاف ما يظنه الأهلي ظلماً ومع هذا لم تسلك هذا المسلك.
الحكاية باختصار: أن التعامل كان مرناً حد التغافل أحياناً عن بعض التجاوزات وعندما فتح النظام عيناً واحدة وجد من يحاول فقأ تلك العين.. فكيف بظنكم سيكون الحال لو أن النظام رأى الأمور بكلتا عينيه بميزان واحد لا عوج فيه.. عندها كل ما أخشاه أن تتخضب الصحف بالمظلوميات.. وتفيض البرامج بالبكائيات.. وحتماً سينال كل معارض سيل الإساءات من المدرجات.. ولذا فأتمنى أن يتوقف مسئولو الأهلي عن شحن الجمهور بهذه اللغة العدائية.. فعواقبها لن تحمد إن استمرت.. وأن يتحلوا بأدنى حد من المسئولية.. وإلا أقولها من الآن: لو حدث لا قدر الله أي انفلات في أي مباراة فسيكونون هم المتهمين بذلك والمتسببين فيه لأنهم هم من أوصل المشجع الأهلاوي العادي لهذه القناعة الغير حقيقية وهي أن فريقهم محارب من كل الجهات.. وكأنه ليس للجان شغل سواه.. في حين أن الواقع ببساطة: هو أن هناك من تجاوز فكان العقاب جزاءه.
آخر سطر: همسة بإذن محمد السهلاوي: النجومية لا تكتمل إلا بانضباط.. وما حدث منك بعد لقاء التعاون لا يليق.. مهما كانت الأرقام عظيمة تصبح لا قيمة لها إن لم يكن هنالك إطار أنيق يحتويها.