جاسر عبدالعزيز الجاسر
ما تقوم به الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين الإسلامي رداء لها وهو البريء منها تماماً، وعلى رأسها داعش والقاعدة وأذرعتهما الإرهابية في بوكوحرام وإرهابيي مالي، من عمليات إرهابية ونشر للخوف في أوروبا وإفريقيا وآسيا ومطاردة الغربيين وغيرهم في الأماكن التي يعملون بها خارج بلدانهم للمساهمة في تنمية البلدان التي يتواجدون فيها فيكافؤون بالقتل وحتى الذبح، كما حصل للخبراء الفرنسيين والغربيين وحتى الصينيين واليابانيين.
هذه الأعمال الإجرامية الإرهابية تلقفتها الأحزاب والجماعات المتطرفة في الدول الغربية فنشطت في توسيع دائرة الكراهية ضد المسلمين، وتحريض الأوربيين ضدهم بأساليب لم تعد تقف عند حد الدعوة إلى وقف التعامل معهم وفرض إجراءات مقيدة لتحركاتهم بل بالمطالبة بإبعادهم عن بلادهم حتى وإن كانوا يحملون جنسيات البلد الذين يقيمون فيه.
التحركات التي تقوم بها الأحزاب والجماعات المتشددة التي تعادي المسلمين التي وجدت في أفعال الجماعات الإرهابية المنسوبة للمسلمين وقوداً يشعل دائرة الكراهية كان لا بد من مواجهتها بتحرك حضاري وعمل يتناسب مع ثقافة الحوار والتفاهم بين الشعوب.
وفي السياق، كان لعلماء ورجال الفكر المسلمين مبادرة جيدة تمثلت في التئام مجلس حكماء المسلمين في اجتماع ضم الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وعلماء من المملكة العربية السعودية ولبنان وعدد من الدول الإفريقية والعربية، وقد كان لافتاً وجود قامات إسلامية لها تأثيرها المحلي والدولي، فإضافة إلى الشيخ الدكتور أحمد الطيب تواجد المشير سوار الذهب والعلامة اللبناني الشيخ علي الأمين الذي يعد أهم المرجعيات الشيعية في لبنان والوطن العربي، وتواجدت سيدة فاضلة في الاجتماعات كونها عضوة في مجلس حكماء المسلمين.
ولقد كان لتفسير ظاهرة الإرهاب عند نفر ممن يتنسبون للإسلام الذي قدمه الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي رأس الاجتماع الأخير الذي قال «إن الإرهاب هو أولاً وأخيراً، اعتقاد فكر، بل لعلي لا أجاوز الحقيقة لو قلت إنه عند معتنقيه فلسفة حياة يهون من أجلها الموت والانتحار، وأنه ليس إفرازاً لدين سماوي أياً كان هذا الدين، بل هو مرض فكري ونفسي يبحث دائماً عن مبررات وجوده في متشابهات نصوص الأديان وتأويل المؤولين ونظرات المفسرين».
يضيف الشيخ الطيب لما يجب أن يعمم وينشر بكل اللغات الأوروبية، أن التاريخ والواقع المعاصر يثبت أن بواعث الإرهاب ليست قصراً على الانحراف بالأديان نحو فهوم مغشوشة مدلسة، بل كثيراً ما خرج الإرهاب من عباءة مذاهب اجتماعية واقتصادية وسياسية.
كل هذا التوضيح وتفسير ظاهرة الإرهاب الذي قدمه شيخ الأزهر، يتطلب من الجميع وبالذات المتطرفين في الغرب أن يعوا أن الإرهاب لا دين له ولا هوية له ومن الظلم التحيز الفاضح الذي نراه موجهاً لكل المسلمين.
هذا التوجه المبني على الحوار الفكري والنقاش الذي ينشر ثقافة البحث والتقصي عن تفشي ظاهرة الإرهاب في خطاب واضح وعلمي وصادق موجه للغرب، الذي يجب أن يسانده ويدعمه الجميع بما فيها الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ويعمل به المفكرون ورجال الإعلام لإيصال هذه الرسالة الحضارية لمواجهة موجة الكراهية التي تنتشر انتشار النار في الهشيم في الغرب.