د.دلال بنت مخلد الحربي
طوال الأسبوعين الماضيين ومع هطول الأمطار التي عمَّت مناطق المملكة أصبحنا بين مزاجين، مزاج البهجة بالمطر، ومزاج عكّره ما كشف عنه المطر،
المطر وحده كشف عن أعمال سلبية في البنية التحتية ليست بجديدة، بل إنها كانت معروفة ثم قل الاهتمام بها لعدم نزول الأمطار لفترة طويلة.
والمطر وحده كشف عن خلل دائم يتم تغطيته بين فترة وأخرى بطرق مؤقتة..
والمطر وحده فضح كثيراً من هذه السلبيات وساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على نشر الفضيحة على نطاق أوسع فرأينا الشوارع التي تطفح بالماء، وشاهدنا غرق السيارات، وشاهدنا الأنفاق التي تحوَّلت إلى بحيرات..
ولم تكن هذه السلبيات في مدينة واحدة، بل إنها كانت عامة في كل المناطق التي هطلت بها الأمطار فشهدنا شارعا رئيساً في بريدة وقد غرق بأكمله وتحول إلى نهر جارف، وشهدنا في جدة سيولاً تداهم بيوتاً وتروِّع أصحابها، وشهدنا نفقاً في الرياض تعطّلت حركته بسبب تراكم المياه فيه وتحوله إلى بحيرة، وفي أماكن أخرى أنفاق تحوّلت إلى بحيرات لا يمكن عبورها حتى بالقوارب..
كل هذا وغيره يؤكّد على أن هناك خللاً رافق تأسيس الشوارع والأنفاق والأحياء أيضاً؛ فبعض الأحياء يبدو أنها جاءت وسط أودية وهذه الأودية معرضة للسيول دائماً وأبداً ولا يمكن كبحها أو صدها..
أما الشوارع فتحويلها إلى أنهار وبحيرات فهذا دون شك يعني أنه لا يوجد فيها أي تصريف وإن وجد فهو على نحو سيئ دون أي معايير أو مقاييس تستخدم في مثل هذه الحالات..
ما نعلق عليه الأمل هو أن تكون هناك محاسبة قوية لكل الذين أسهموا في هذه السلبيات ومحاكمة كل الذين لهم بصمات فيها دون محاباة أو مجاملة، فحياة الإنسان غالية، والملكية العامة ممثلة في الطرق والأنفاق ومجاري التصريف هي لخدمة الإنسان ولتجنب مثل هذه الكوارث لا بد أن يكون هناك عقاب رادع، فمن يثبت أنه قصَّر في عمله فيجب أن يلقى الجزاء الرادع وبدون ذلك سنستمر في مشاهدة هذا المسلسل في كل مرة يهطل بها المطر.