يوسف المحيميد
بعد انهيار أسعار النفط في أوخر العام الماضي، وتذبذبها خلال هذا العام، يتوقع غالبية المحللين أن تبدأ الأسعار معاودة الارتفاع تدريجيا حتى تتجاوز سقف الستين دولاراً في النصف الثاني من العام القادم 2016، بعد إلغاء عقود شركات أمريكية تنتج الزيت الصخري، وبالتالي انخفاض الإنتاج العالمي من جهة، وتنامي الطلب من جهة أخرى، رغم أن السوق يستطيع استعادة عافيته بشكل أسرع، فيما لو تم الاتفاق على خفض الإنتاج من دول الأوبك، ومن الدول المنتجة الرئيسة خارج الأوبك، مثل روسيا، المكسيك، وعمان، وكازاخستان وغيرها.
وبعد انتهاء الاجتماع الوزاري لدول الأوبك، وما صاحبه من تكهنات، وشائعات، عبثت بالسوق، سواء ما أثير عن اقتراح سعودي ستتقدم به للاجتماع بالتخفيض بمقدار مليون برميل يومياً، رفع السعر قليلاً، رغم نفي المملكة لذلك، خاصة أن سياسة المملكة البترولية بشأن انخفاض الأسعار تؤكد على استعداد المملكة على التعاون مع الدول الجادة في خفض الإنتاج، بشرط أن يكون تخفيضاً جماعياً، تشارك به دول الأوبك، وخارج الأوبك، أما ما عدا ذلك، فلن تخسر المملكة عملاءها مقابل ارتفاع الأسعار لبضعة أيام، فما ستخفضه المملكة ومعها دول الخليج، سيغطيه المنتجون الآخرون، فتخسر المملكة السعر والعملاء!
وخلال اجتماع الأوبك الأخير أطلقت وكالة بلومبيرغ شائعة تعتقد أنها سبقاً صحفياً، قبل أن ينتهي الاجتماع ويصدر البيان الصحفي الرسمي للأوبك، قالت بأن دول الأوبك قررت زيادة الإنتاج بنحو مليون ونصف المليون برميل يومياً، من غير إندونيسيا التي عادت من جديد لعضوية الأوبك، بعد أن علقت عضويتها منذ 2008، وهذه الشائعة أيضاً تسببت بانخفاض الأسعار من جديد، فما كسبه السوق من الشائعة الأولى قبل الاجتماع، خسره من الشائعة الثانية أثناء الاجتماع، هو سوق غريب حقاً، رغم ضخامته وما يبدو من وضوح فيه، إلا أنه سوق غامض ومزاجي، تتحكم في مزاجه شائعات وتنبؤات غالبيتها غير دقيقة!
ومنذ ستينيات القرن الماضي، وهذا السوق يتحكم فيه محللون غالبيتهم من المتشائمين، من الدول المستهلكة، الدول المسيطرة على الإعلام البترولي، فرغم الحقائق الواضحة الآن، من أن السوق سيستعيد عافيته بعد تناقص إنتاج الزيت الصخري، خاصة من الشركات الأمريكية، وهو ما سيتضح أثره بشكل جلي في النصف الثاني من العام القادم 2016، إلا أن هناك من يبدي تشاؤمه من كميات المخزون، غير المسبوقة، التي قد تعيد السوق إلى الانخفاض من جديد، مع أن هذا المخزون له وقت محدد، حتى يعود إلى معدلاته الطبيعية، ولا يصبح مقلقاً لتوازن السوق، بمعنى أن السوق سيعود متوازناً، وبسعر عادل، بشكل طبيعي، مع أن مبادرة الدول المنتجة الرئيسة من خارج الأوبك، مع دول الأوبك، والاتفاق على التخفيض بنِسَب محددة، سيعجل بتحقيق هذا التوازن.