د. عبدالرحمن الشلاش
برر أحد الوعاظ إطلاقه لمفردات جنسية يعف عنها اللسان وتستهجنها العقول السليمة بأنه لم يكن يعلم بتصوير المقطع كونه في تلك اللحظات مع أتباعه في جلسة خاصة خلف الكواليس، ولم يكن وقتها قد بدأ البرنامج، وبناء عليه فهو يعتذر عما بدر منه، وأنه لو كان يعلم بالتصوير لما تصرف بهذا الشكل، ولما أطلق مثل هذه العبارات والتي من ضمنها وفيما معناه بأنه يحاول في أحدهم منذ زمن لأنه وسيم.
كنت أتمنى أن الواعظ سكت ولم يبرر إطلاقاً ما قام به من أفعال، فالكلمات التي تفوه بها مرفوضة وبالذات من شيخ واعظ يجب أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة والكلام الطيب الجميل، فهو في نظر الشباب الصغار المحيطين به قدوة حسنة، ورمز لهم يتابعونه عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال محاضراته في المخيمات الدعوية، فمثله للأسف توجه له الدعوات في مناسبات عديدة رغم شطحاته المتكررة، وأخطائه التي لا تعد ولا تحصى.
هذه التصرفات الطائشة مرت مرور الكرام يعني بصراحة « دمدمت «، وتغافل أصحاب الألسنة الطويلة عنها لأنهم لا يسلطون ألسنتهم إلا على المخالفين لهم في حال حدث منهم ما يخدش الحياء، وجاء من يبرر لها، وأنها غير مقصودة، وأن الشيخ يمزح، وأن الخطأ من المصور الذي سيصب عليه جام الغضب فقد تهور في نظرهم وصور الشيخ المبجل على حين غفلة منه وهذا لا يليق؛ فالشيخ في جلسة خاصة مع الأحباب. سيتهم من صور بأنه مدفوع من كارهين لهذا الواعظ، أو أن ما قام به من باب الخطأ أو محاولة التشهير.
ردود الأفعال هذه تعبر عن ازدواجية، ومعايير مقلوبة فما يسوغ ويبرر لشخص لا يجوز لغيره من الناس، فمع هؤلاء غفور رحيم ومع أولئك شديد العقاب. رغم أن حجم الخطأ لا يقل إن كان أمام الجماهير أو خلف الكواليس فالمعيار واحد لا يتغير ولا يتبدل. هيبة أهل العلم لا بد أن تبقى في كل الأحوال لأن تأثيرهم على الشباب قوي، ولا يجوز أن تسقط هذه الهيبة لمجرد محاولة إضحاك الحضور والترفيه عنهم بحجة أن هذه الفعاليات حتى ولو كانت دينية فلا بد أن يشوبها بعض الترفيه عن النفوس، وكون الشباب في مرحلة المراهقة يستهويهم مثل هذا الحديث الهابط فلم لا يخلط الجد بالهزل والكلام الحسن بالكلام الرديء.
حادثة المقطع انتشرت بسرعة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، ولقيت رواجاً لدى بعض من رأوا فيها خرقا للتابوه الاجتماعي، وتعديا صارخا على المألوف من مشايخ الدين، وهيبة مثل هذه المجالس. الحادثة أيضاً كشفت عن أن ما يدور خلف كواليس بعض الوعاظ وفي جلسات خاصة أعظم وغير مقبول مهما حاول البعض تبريره فلا يليق بمن يتصدى لمهمة عظيمة هي توجيه الشباب أن يقع في المحظور، وبهذه الطريقة المباشرة والفجة!
صدرت هذه الألفاظ من وعاظ لديهم هبوط في مستوياتهم العلمية والسلوكية، لكن أن تصدر من أكاديمي فهذا ما لا يمكن قبوله!